خارج عن باب التعارض وعن باب التزاحم ، ويكون ما نحن فيه من قبيل النظر إلى الأجنبية في حال الصلاة ، ولا فرق بينهما إلاّ من جهة الارادة ، حيث إنّ ما نحن فيه تكون الارادة فيه واحدة وذلك هو المانع من قصد التقرّب بها ، بخلاف مسألة النظر إلى الأجنبية في حال الصلاة فإنّه يكون بارادتين ، فلا مانع من قصد التقرّب بالارادة المتعلّقة بنفس الصلاة وإن كان عاصيا بارادة النظر إلى الأجنبية فيها ، على وجه لو كان فيما نحن فيه ممّا يمكن فيه تعدّد الارادة لأمكن التقرّب بإحداهما وإن كان عاصيا بالأخرى ، لكنّه لا يمكن تعدّد الارادة فيه ، فإنّه لو لم يقصد إلاّ طبيعة الصلاة ولم يكن مريدا إلاّ هذه الصلاة الخاصّة الواقعة في الدار المغصوبة مع علمه بوقوعها في المكان المغصوب وعلمه بالغصب وحرمته لم يمكن التقرّب بتلك الارادة المتعلّقة بالصلاة الخاصّة الواقعة في الدار المغصوبة ، لعلمه بكون تلك الصلاة الخاصّة منهيا عن الجهة المقارنة لها ، كما أنّه لو أراد الصلاة الخاصّة التي تكون مشتملة على النظر إلى الأجنبية لكانت تلك الصلاة الخاصّة فاسدة ، لعدم إمكان التقرّب بتلك الصلاة الخاصّة المشتملة على النظر إلى الأجنبية في حالها لو كان قاصدا تلك الخصوصية. بل لو كان يعلم أنّه في حال قيامه تنظر إليه الأجنبية قهرا عليه نظر ريبة تكون موجبا لحرمة قيامه لكونه تمكينا لها من ذلك الحرام ، لا يمكنه التقرّب بتلك الصلاة الخاصّة الناشئة خصوصيتها عن اشتمالها على خصوصية نظر الأجنبية إليه الموجب لتحريم تمكينه لها من ذلك.
وبهذا البيان يكون الحكم بصحّة الصلاة عند الجهل بالغصب أو نسيانه أسهل منه على تقدير جعله من باب التزاحم ، لأنّ جعله من باب التزاحم يحتاج إلى دعوى سقوط النهي عن المزاحمة ، بخلاف هذا البيان فإنّه لا يحتاج إلى ذلك فتأمّل.