أَصْبَحْتُ ـ يَا رَسُولَ اللهِ ـ مُوقِناً.
فَعَجِبَ رَسُولُ اللهِ صلىاللهعليهوآلهوسلم مِنْ قَوْلِهِ ، وَقَالَ : (١) إِنَّ لِكُلِّ يَقِينٍ (٢) حَقِيقَةً ، فَمَا حَقِيقَةُ يَقِينِكَ؟
فَقَالَ : إِنَّ يَقِينِي ـ يَا رَسُولَ اللهِ ـ هُوَ الَّذِي أَحْزَنَنِي ، وَأَسْهَرَ لَيْلِي ، وَأَظْمَأَ هَوَاجِرِي (٣) ، فَعَزَفَتْ (٤) نَفْسِي عَنِ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا حَتّى كَأَنِّي أَنْظُرُ إِلى عَرْشِ رَبِّي وَقَدْ نُصِبَ لِلْحِسَابِ (٥) ، وَحُشِرَ الْخَلَائِقُ لِذلِكَ وَأَنَا فِيهِمْ ، وَكَأَنِّي أَنْظُرُ إِلى أَهْلِ الْجَنَّةِ يَتَنَعَّمُونَ (٦) فِي الْجَنَّةِ وَيَتَعَارَفُونَ ، وَ (٧) عَلَى الْأَرَائِكِ مُتَّكِئُونَ ، وَكَأَنِّي أَنْظُرُ إِلى أَهْلِ النَّارِ وَهُمْ فِيهَا مُعَذَّبُونَ (٨) مُصْطَرِخُونَ (٩) ، وَكَأَنِّي (١٠) الْآنَ أَسْمَعُ زَفِيرَ النَّارِ يَدُورُ (١١) فِي مَسَامِعِي.
فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلىاللهعليهوآلهوسلم لِأَصْحَابِهِ (١٢) : هذَا عَبْدٌ نَوَّرَ اللهُ قَلْبَهُ بِالْإِيمَانِ (١٣) ، ثُمَّ قَالَ لَهُ : الْزَمْ مَا أَنْتَ عَلَيْهِ.
فَقَالَ الشَّابُّ : ادْعُ اللهَ لِي يَا رَسُولَ اللهِ أَنْ أُرْزَقَ الشَّهَادَةَ (١٤) مَعَكَ.
__________________
(١) في « ض » والوافي والبحار والمحاسن : + / « له ».
(٢) في المحاسن : « شيء ».
(٣) أي في هواجري. و « الهواجر » : جمع الهاجرة ، نصف النهار عند اشتداد الحَرّ ، أو من عند الزوال إلى العصر ؛ لأنّ الناس يسكنون في بيوتهم كأنّهم قد تهاجروا من شدّة الحرّ. مجمع البحرين ، ج ٣ ، ص ١٨٦٠ ( هجر ).
(٤) في « ف » : « عزّفتُ » بضمّ التاء. وفي شرح المازندراني : « وعزفت ، بسكون التاء ، أي عاقتها وكرهتها نفسي وانصرفت عنها. وبضمّ التاء محتمل ، أي منعت نفسي وصرفتها عنها ».
(٥) في « ج » : « الحساب ».
(٦) في « ض » : « يتمتّعون ».
(٧) في « ب ، ج ، د ، ز ، ص ، ض ، ف » والوافي والبحار والمحاسن : ـ / « و ».
(٨) في « ض » : « يعذّبون ».
(٩) اصطرخ : استغاث. لسان العرب ، ج ٣ ، ص ٣٣ ( صرخ ).
(١٠) في « ج » : « وكأنّ ». وفي « ف » : « فكأنّي ».
(١١) في المحاسن : « ينقرون ».
(١٢) في شرح المازندراني والبحار : ـ / « لأصحابه ».
(١٣) في المحاسن : « للإيمان ».
(١٤) في « ف » : « يا رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، ادع الله لي أن أرزقني الشهادة بين يديك و » بدل « ادع ـ إلى ـ الشهادة ».