نَتَخَوَّفُ (١) مِنْ فِتْنَةِ ابْنِ الزُّبَيْرِ (٢) وَمَا فِيهِ
__________________
(١) في البحار : « يتخوّف ».
(٢) في مرآة العقول ، ج ٨ ، ص ١٨ ـ ٢٠ : « ابن الزبير هو عبدالله ، وكان أعدى عدوّ أهل البيت عليهمالسلام ، وهو صار سبباً لعدول الزبير عن ناحية أميرالمؤمنين عليهالسلام ؛ حيث قال عليهالسلام : لازال الزبير معنا حتّى أدرك فرخه.
والمشهور أنّه بويع له بالخلافة بعد شهادة الحسين عليهالسلام لسبع بقين من رجب سنة أربع وستّين في أيّام يزيد ، وقيل : لمّا استشهد الحسين عليهالسلام في سنة ستّين من الهجرة دعا ابن الزبير بمكّة إلى نفسه وعاب يزيد بالفسوق والمعاصي وشرب الخمور ، فبايعه أهل تهامة والحجاز ، فلمّا بلغ يزيد ذلك ندب له الحصين بن نمير وروح بن زنباع ، وضمّ إلى كلّ واحد جيشاً ، واستعمل على الجميع مسلم بن عقبة ، وجعله أميرالامراء ، ولمّا ودّعهم قال : يا مسلم لاتردّ أهل الشام عن شيء يريدونه لعدوّهم ، واجعل طريقك على المدينة ، فإن حاربوك فحاربهم ، فإن ظفرت بهم فأبحهم ثلاثاً ، فسار مسلم حتّى نزل الحرّة ، فخرج أهل المدينة فعسكروا بها وأميرهم عبدالله بن حنظلة الراهب غسيل الملائكة ، فدعاهم مسلم ثلاثاً فلم يجيبوا ، فقاتلهم فغلب أهل الشام وقتل عبدالله وسبعمائة من المهاجرين والأنصار ، ودخل مسلم المدينة وأباحها ثلاثة أيّام.
ثمّ شخص بالجيش إلى مكّة وكتب إلى يزيد بما صنع بالمدينة ، ومات مسلم لعنه الله في الطريق ، فتولّى أمر الجيش الحصين بن نمر حتّى وافى مكّة ، فتحصّن منه ابن الزبير في المسجد الحرام في جميع من كان معه ، ونصب الحصين المنجنيق على أبي قبيس ورمى به الكعبة ، فبينما هم كذلك إذ ورد الخبر على الحصين بموت يزيد لعنة الله عليهما ، فأرسل إلى ابن الزبير يسأله الموادعة ، فأجابه إلى ذلك ، وفتح الأبواب واختلط العسكران يطوفون بالبيت ، فبينما الحصين يطوف ليلة بعد العشاء إذ استقبله ابن الزبير ، فأخذ الحصين بيده وقال له سرّاً : هل لك في الخروج معي إلى الشام ، فأدعو الناس إلى بيعتك ؛ فإنّ أمرهم قد مرج ، ولا أدري أحداً أحقّ بها اليوم منك ، ولست اعصى هناك ، فاجتذب ابن الزبير يده من يده وهو يجهر : دون أن أقتل بكلّ واحد من أهل الحجاز عشرة من الشام ، فقال الحصين : لقد كذب الّذي زعم أنّك من دهاة العرب ، اكلّمك سرّاً وتكلّمني علانية ، وأدعوك إلى الخلافة وتدعوني إلى الحرب.
ثمّ انصرف بمن معه إلى الشام وقالوا : بايعه أهل العراق وأهل مصر وبعض أهل الشام إلى أن بايعوا لمروان بعد حروب ، واستمرّ له العراق إلى سنة إحدى وسبعين ، وهي الّتي قتل فيها عبدالملك بن مروان أخاه مصعب بن الزبير ، وهدم قصر الإمارة بالكوفة.
ولمّا قتل مصعب انهزم أصحابه ، فاستدعى بهم عبدالملك ، فبايعوه وسار إلى الكوفة ودخلها واستقرّ له الأمر بالعراق والشام ومصر ، ثمّ جهّز الحجّاج في سنة ثلاث وسبعين إلى عبدالله بن الزبير ، فحصره بمكّة ، ورمى البيت بالمنجنيق ، ثمّ ظفر به وقتله واجتزّ الحجّاج رأسه وصلبه منكّساً ، ثمّ أنزله ودفنه في مقابر اليهود.
وكانت خلافته بالحجاز والعراق تسع سنين واثنين وعشرين يوماً ، وله من العمر ثلاث وسبعون سنة ، وقيل : اثنان وسبعون سنة ، وكانت امّه أسماء بنت أبي بكر.