نِيَّتِهِ (١)». (٢)
١٦٧٧ / ٣. عِدَّةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ ، عَنِ ابْنِ مَحْبُوبٍ ، عَنْ هِشَامِ بْنِ
__________________
(١) في الوافي : « قد ذكر في معنى هذا الحديث وجوه أكثرها مدخول لا فائدة في إيراده ، فلنقتصر منها على ما هو أقرب إلى الصواب ، وهو أربعة :
أحدها : ما ذكره الغزالي في إحيائه ، وهو أنّ كلّ طاعة ينتظم بنيّة وعمل ، وكلّ منهما من جملة الخيرات إلاّ أنّ النيّة من الطاعتين خير من العمل ؛ لأنّ أثر النيّة في المقصود أكثر من أثر العمل ؛ لأنّ صلاح القلب هو المقصود من التكليف ، والأعضاء آلات موصلة إلى المقصود ، والغرض من حركات الجوارح أن يعتاد القلب إرادة الخير ويؤكّد فيه الميل إليه ؛ ليتفرّغ عن شهوات الدنيا ، ويقبل على الذكر والفكر ، فبالضرورة يكون خيراً بالإضافه إلى الغرض ؛ قال الله تعالى : ( لَنْ يَنالَ اللهَ لُحُومُها وَلا دِماؤُها وَلكِنْ يَنالُهُ التَّقْوى مِنْكُمْ ) [ الحجّ (٢٢) : ٣٧ ] والتقوى صفة القلب. وفي الحديث : « إنّ في الجسد لمضغة إذا صلحت صلح لها سائر الجسد ».
والثاني : ما نقل عن ابن دريد ، وهو أنّ المؤمن ينوي خيرات كثيرة لايساعده الزمان على عملها ، فكان الثواب المترتّب على نيّاته أكثر من الثواب المترتّب على أعماله. وهذا بعينه معنى الحديث الآتي.
والثالث : ما خطر ببالي ، وهو أنّ المؤمن ينوي أن يوقع عباداته على أحسن الوجوه ؛ لأنّ إيمانه يقتضي ذلك ، ثمّ إذا كان يشتغل بها لايتيسّر له ذلك ولايتأتّى كما يريد ، فلا يأتي بها كما ينبغي ، فالذي ينوي دائماً خيرٌ من الذي يعمل في كلّ عبادة.
والرابع : أن يكون المراد بالحديث مجموع المعنيين الأخيرين ؛ لاشتراكهما في أمر واحد ، وهو نيّة الخير الذي لايتأتّى له كما يريد. ويؤيّده الأخبار الآتية.
وممّا يدلّ عليه صريحاً ما اطّلعت عليه بعد شرحي لهذا الحديث في كتاب علل الشرائع للصدوق رحمهالله ، وهو ما رواه بإسناده عن أبي جعفر عليهالسلام أنّه كان يقول : « نيّة المؤمن خير من عمله ؛ وذلك لأنّه ينوي من الخير ما لا يدركه ؛ ونيّة الكافر شرّ من عمله ؛ وذلك لأنّ الكافر ينوي الشرّ ويأمل من الشرّ ما لا يدركه ».
وبإسناده عن أبي عبدالله عليهالسلام أنّه قال له زيد الشحّام : إنّي سمعتك تقول : « نيّة المؤمن خير من عمله » ، فكيف تكون النيّة خيراً من العمل؟ قال : « لأنّ العمل إنّما كان رياء المخلوقين ، والنيّة خالصة لربّ العالمين ، فيعطي عزّوجلّ على النيّة ما لا يعطي على العمل ». قال أبوعبدالله عليهالسلام : « إنّ العبد لينوي من نهاره أن يصلّي بالليل ، فتغلبه عينه فينام ، فيثبت الله له صلاته ، ويكتب نفسه تسبيحاً ، ويجعل نومه صدقة ».
ومن أراد التفصيل فليراجع إلى مرآة العقول ، ج ٨ ، ص ٩٢ ـ ١٠٢.
(٢) المحاسن ، ص ٢٦٠ ، كتاب مصابيح الظلم ، ح ٣١٥ ، عن حسين بن يزيد النوفلي. الجعفريّات ، ص ١٦٩ ، بسند آخر ؛ علل الشرائع ، ص ٥٢٤ ، ح ٢ ، بسند آخر عن أبي جعفر عليهالسلام ، مع اختلاف يسير وزيادة ؛ الأمالي للطوسي ، ص ٤٥٤ ، المجلس ١٦ ، ح ١٠١٣ ، بسند آخر عن أبي جعفر ، عن آبائه عليهمالسلام عن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وفيه : « نيّة المؤمن أبلغ من عمله ، وكذلك الفاجر ». فقه الرضا عليهالسلام ، ص ٣٧٨ ، مع اختلاف يسير وزيادة الوافي ، ج ٤ ، ص ٣٦٦ ، ح ٢١٣٥ ؛ الوسائل ، ج ١ ، ص ٥٠ ، ح ٩٥ ؛ البحار ، ج ٧٠ ، ص ١٨٩ ، ح ٢.