بالسراب إنما يقال لهم إن أمر الله عز وجل بالشيء هو نهي عن خلافه وذلك أنه جل ذكره حيث أباح نكاح أربع نسوة لم يخبرنا أن أكثر من ذلك لا يجوز وحيث جعل الكعبة قبلة لم يخبرنا أن قبلة غير الكعبة لا تجوز وحيث جعل الحج في ذي الحجة ـ لم يخبرنا أن الحج في غير ذي الحجة لا يجوز وحيث جعل الصلاة ركعة وسجدتين لم يخبرنا أن ركعتين وثلاث سجدات لا يجوز فلو أن إنسانا تزوج خمس نسوة لكان نكاحه الخامسة باطلا ولو اتخذ قبلة غير الكعبة لكان ضالا مخطئا غير جائز له وكانت صلاته غير جائزة ولو حج في غير ذي الحجة لم يكن حاجا وكان فعله باطلا ولو جعل صلاته بدل كل ركعة ركعتين وثلاث سجدات لكانت صلاته فاسدة وكان غير مصل لأن كل من تعدى ما أمر به ولم يطلق له ذلك كان فعله باطلا فاسدا غير جائز ولا مقبول فكذلك الأمر والحكم في الطلاق كسائر ما بينا والحمد لله.
وأما قولهم إن ذلك شيء تعبد به الرجال كما تعبد به النساء أن لا يخرجن ما دمن يعتددن من بيوتهن فأخبرنا ذلك لهن بالمعصية وهل المعصية في الطلاق إلا كالمعصية في خروج المعتدة من بيتها في عدتها فلو خرجت من بيتها أياما لكان ذلك محسوبا لها فكذلك الطلاق في الحيض محسوب وإن كان لله عاصيا فيقال لهم إن هذه شبهة دخلت عليكم من حيث لا تعلمون وذلك أن الخروج والإخراج ليس من شرائط الطلاق كالعدة لأن العدة من شرائط الطلاق ذلك أنه لا يحل للمرأة أن تخرج من بيتها قبل الطلاق ولا بعد الطلاق ولا يحل للرجل أن يخرجها من بيتها قبل الطلاق ولا بعد الطلاق فالطلاق وغير الطلاق في حظر ذلك ومنعه واحد والعدة لا تقع إلا مع الطلاق ولا تجب إلا بالطلاق ولا يكون الطلاق لمدخول بها ولا عدة كما قد يكون خروجا وإخراجا بلا طلاق ولا عدة فليس يشبه الخروج والإخراج بالعدة والطلاق في هذا الباب وإنما قياس الخروج والإخراج كرجل دخل دار قوم بغير إذنهم فصلى فيها فهو عاص في دخوله الدار وصلاته جائزة لأن ذلك ليس
______________________________________________________
قوله « فالطلاق وغير الطلاق » هذه نكتة أوردت لبيان الفرق ، والحاصل أن هذا الحكم لا يختص بالعدة حتى يكون من شرائطها بل هو بيان لاستمرار الحكم