والذكورة والعدد وعدم القرابة للمشهود له وعدم العداوة للمشهود عليه ، دون الرواية لأنّ الرواية أبعد عن التهمة.
وأقول : من المعلوم أنّه ينبغي أن يكون الأمر بالعكس ، لأنّه يثبت بالرواية حكم كلّي يعمّ المكلّفين إلى يوم القيامة وبالشهادة قضيّة جزئيّة ، ومن ثمّ تواترت الأخبار عن الأئمّة الأطهار عليهمالسلام بأنّه يكفي في باب الشهادات وإمام الجماعات العدالة الظاهرية (١) وبأنّه لا بدّ في راوي الحكم الإلهي العصمة أو من الثقة المأمون من الكذب والزّلّة (٢) *.
ومنها : قولهم بأنّ الحكم فيما لا دليل فيه نفي الحكم ، فنفي الدليل دليل على نفي الحكم ، لما ورد الشرع بأنّ ما لا دليل فيه لا حكم فيه ، فكان عدم الدليل لعدم الحكم مدركا شرعيا.
وملخّصه : أنّ عدم الدليل مدرك شرعي لعدم الحكم ، للإجماع على أنّ ما لا دليل فيه فهو منفيّ ، وذلك بعد ورود الشرع ، لظهور أنّه قبل ورود الشرع ليس من المدارك الشرعية ، كذا في الشرح العضدي (٣) وفي شرح الشرح للعلّامة التفتازاني.
أقول : من ضروريّات مذهب الإماميّة أنّ كلّ ما تحتاج إليه الامّة إلى يوم القيامة وكلّ ما يختلف فيه اثنان ورد فيه خطاب وحكم من الله تعالى حتّى أرش
______________________________________________________
* الراوي للحكم عن الله سبحانه وتعالى بغير واسطة بشر لا شكّ في اشتراط عصمته ، وأمّا الراوي عنه بعد ذلك فيشترط فيه ما يشترط في صحّة الرواية ، ومع تطاول الأزمان وتعدّد طبقات الرواة المناسب فيه عدم المضايقة الّتي اعتبروها في الشهادة لكثرة الحاجة والضرورة إلى معرفة الأحكام والعمل بها ، فلو اعتبروا فيها ما اعتبروه في الشهادة انسدّ باب المعرفة لأغلب الأحكام من الحديث مع امتداد الزمان ، وهو مخالف للحكمة. وأيضا التهمة المانعة من القبول في الشهادة منتفية في الرواية ، والتوثيق والأمن من الكذب معتبر في الشهادة أيضا ، لأنّه داخل في مفهوم العدالة ، فلا تزيد الرواية عليها في ذلك ، كما يظهر من كلام المصنّف خلافه.
__________________
(١) راجع الوسائل ١٨ : ٢٨٨ ، الباب ٤١ من أبواب الشهادات.
(٢) راجع الوسائل ١٨ : ٨٩ ، الباب ١٠ و ١١ ومن أبواب صفات القاضي.
(٣) لم نعثر عليه.