منها وغير الصحيح منها ، ولأن يكتفي به المتعلّم والمسترشد ويأخذ منه معالم دينه بالآثار الصحيحة عن الصادقين عليهمالسلام (١).
ومن المعلوم أنّه رحمهالله لم يذكر في كتابه هذا قاعدة بها يميّز بين الحديث الصحيح وغيره ، فعلم أنّ كلّ ما فيه صحيح ، فإنّه لو كان ملفّقا من صحيح وغير صحيح لزاد السائل الإشكال والحيرة ولما جاز اكتفاء المتعلّم به وأخذ المسترشد منه. وأيضا من الامور المعلومة عند من تتبّع كتب الأخبار والرجال : أنّ الاصول الصحيحة والأحاديث المعتمدة عليها كانت في زمن الإمام ثقة الإسلام محمّد بن يعقوب الكليني قدسسره ممتازة عن غيرها. ومن المعلوم أنّه لم يقع من مثله أن يجمع بينهما في كتاب واحد في مقام الهداية والإرشاد من غير نصب علامة مائزة ، ذلك ظنّ الّذين لا يوقنون.
وكذلك رئيس الطائفة قدسسره تكلّم باصطلاح القدماء حيث ذكر في أوائل كتاب الاستبصار موافقا لما صرّح به في كتاب العدّة (٢) كما حقّقه المحقّق الحلّي واختاره في اصوله (٣).
وفي أوائل المعتبر ما محصوله : أنّ أخبار كتب قدمائنا الّتي كانت متداولة بينهم وكانوا مجمعين على ورودها عن المعصومين عليهمالسلام لا يخلو من أقسام ثلاثة : من جملتها ما يكون مضمون الخبر متواترا. ومن جملتها ما يكون احدى القرائن الموجبة للقطع بصحّة مضمون الخبر موجودة. ومن جملتها ما لا يكون هذا ولا ذاك. وإنّ القسم الثالث ينقسم إلى أقسام : من جملتها خبر انعقد إجماعهم على نقله عنهم عليهمالسلام بمعنى أنّهم لم ينقلوا عنهم عليهمالسلام في بابه إلّا إيّاه أو ما يوافقه. ومن جملتها خبر ليس كذلك ، ولكن انعقد إجماعهم على صحّته بمعنى وروده عن المعصوم مع قيد عدم ظهور مانع شرعي عن العمل به ، وأنّ كلّ خبر عمل به في كتابي الأخبار وغيرهما من الكتب لا يخلو عن الأقسام المذكورة (٤) *.
______________________________________________________
* من تأمّل حقيقة الحال عرف أنّ الاختلاف في الأخبار والتنافي كان حاصلا في زمن
__________________
(١) الكافي ١ : ٨ ، مقدّمة المؤلّف.
(٢) الاستبصار ١ : ٣ ، عدّة الاصول ١ : ١٢٦.
(٣) معارج الاصول : ١٤٧.
(٤) راجع المعتبر ١ : ٢٩.