أخذوا أحاديث كتبهم من تلك الاصول من غير اختلاط بينها وبين ما ليس بصحيح * فنقول :
ذكر رئيس الطائفة قدسسره في أوائل كتاب الاستبصار مشيرا إلى الأخبار المسطورة في الاصول المعروفة بين أصحاب الأئمّة عليهمالسلام الّتي كانت مرجعا لهم في عقائدهم وأعمالهم ، وانعقد إجماعهم على صحّة كلّها ، بقرينة دلالة آخر كلامه على ذلك وتصريحه في كتاب العدّة (١) وتصريح المحقّق الحلّي في اصوله (٢) بذلك :
اعلم أنّ الأخبار على ضربين : متواتر ، وغير متواتر فالمتواتر منه ما أوجب العلم ، فما هذا سبيله يجب العمل به من غير توقّع شيء ينضاف إليه ولا أمر يقوى به ولا يرجّح به على غيره. وما يجري هذا المجرى لا يقع فيه التعارض ولا التضادّ
______________________________________________________
* بعد أن ينقل كلام رئيس الطائفة رحمهالله يتبيّن صحّة ما يدّعيه أو فساده ، فإنّه قال رحمهالله في العدّة :
فصل ، في أنّ الأخبار المرويّة فيها ما هو كذب ، والطريق الّذي يعلم به ذلك : إنّ من المعلوم الّذي لا يتخالج فيه شكّ أنّ في الأخبار المرويّة عن النبيّ صلىاللهعليهوآله كذبا ، كما أنّ فيها صدقا ، فمن قال إنّ جميعها صدق فقد أبعد القول ـ فيه إلى أن قال ـ روي عن شعبة أنّه قال : نصف الحديث كذب ، ولأجل ما قلناه حمل أصحاب الحديث نفوسهم على نقد الحديث وتمييز الصحيح منها من الفاسد. ثمّ قال : وليس لأحد أن يقول : تجويزك الكذب على هذه الأخبار أو في بعضها فيه طعن على الصحابة ، لأنّ ذلك يوجب تعمّدهم الكذب ، وذلك أنّه لا يمتنع أن يكون وقع الغلط من بعض الصحابة ، لأنّه ليس كلّ واحد منهم معصوما لا يجوز عليه الغلط ، وإنّما يمنع من اجتماعهم على الخطاء. وذكر وجوها عديدة موجبة لذلك من السهو والغلط وتغيّر المعنى ، ثمّ قال : وهذه الوجوه الّتي ذكرناها أو أكثرها تنفي الطعن عن ناقلي الخبر وإن كان كذبا. فأمّا من تأخّر عن زمن الصحابة والتابعين فلا يمنع أن يكون فيهم من يدخل في الأحاديث الكذب عمدا ويكون غرضه الإفساد في الدين ، كما روى عن عبد الكريم بن أبي العوجاء أنّه لما صلب وقتل قال : أمّا إنّكم إن قتلتموني لقد أدخلت في حديثكم أربعة آلاف حديث مكذوبة. وهذا واحد من الزنادقة ، فكيف الصورة في الباقين؟
__________________
(١) عدّة الاصول ١ : ١٢٦.
(٢) معارج الاصول : ١٤٧.