وجوب قبولها فيما طريقه العلم ، وقد أقررتم بخلاف ذلك.
قيل له : نحن لا نسلّم أنّ جميع الطائفة تحيل على أخبار الآحاد فيما طريقه العلم ممّا عددتموه ، وكيف نسلّم ذلك؟ وقد علمنا بالأدلّة الواضحة العقلية أنّ طريق هذه الامور العقل أو ما يوجب العلم من أدلّة الشرع فيما يمكن ذلك فيه ، وعلمنا أيضا انّ الإمام المعصوم لا بدّ أن يكون قائلا به ، فنحن لا نجوّز أن يكون قول المعصوم داخلا في قول القائلين (١) في هذه المسائل بالأخبار ، وإذا لم يكن قوله داخلا في جملة أقوالهم فلا اعتبار بها وكانت أقوالهم في ذلك مطرحة. وليس كذلك القول في أخبار الآحاد ، لأنّه لم يدلّ دليل على أنّ قول الإمام داخل في جملة أقوال المنكرين لها ، بل بيّنّا أنّ قوله عليهالسلام داخل في جملة أقوال العاملين بها ، وعلى هذا سقط السؤال. على أنّ الّذي ذكروه مجرّد الدعوى من الّذي اشير إليه ممّن يرجع إلى الأخبار في هذه المسائل ، فلا يمكن إسناد ذلك إلى قول علماء متميّزين ، وإن قال ذلك بعض غفلة أصحاب الحديث فذلك لا يلتفت إليه على ما بيّنّاه.
فإن قيل : كيف تعملون بهذه الأخبار ونحن نعلم أنّ رواتها أكثرهم كما رووها رووا أيضا أخبار الجبر والتشبيه وغير ذلك من الغلوّ والتناسخ وغير ذلك من المناكير ، فكيف يجوز الاعتماد على ما يرويه أمثال هؤلاء؟
قيل لهم : ليس كلّ الثقات نقل حديث الجبر والتشبيه وغير ذلك ممّا ذكر في السؤال ولو صحّ أنّه نقله لم يدلّ على أنّه كان معتقدا لما تضمّنه الخبر ، ولا يمتنع أن يكون إنّما رواه ليعلم أنّه لم يشذّ عنه شيء من الروايات ، لا لأنّه يعتقد ذلك ونحن لم نعتمد على مجرّد نقلهم ، بل اعتمادنا على العمل الصادر من جهتهم وارتفاع النزاع فيما بينهم ، فأمّا مجرّد الرواية فلا حجّة فيه على حال.
فإن قيل : كيف تعوّلون على هذه الأخبار وأكثر رواتها المجبّرة والمشبّهة والمقلّدة والغلاة والواقفية والفطحية وغير هؤلاء من فرق الشيعة المخالفة للاعتقاد الصحيح ، ومن شرط خبر الواحد أن يكون راويه عدلا عند من أوجب العمل به ،
__________________
(١) في العدّة : العالمين.