منها : أنّه كثيرا ما نقطع بالقرائن الحالية والمقالية بأنّ الراوي كان ثقة في الرواية لم يرض بالافتراء ولا برواية ما لم يكن بيّنا واضحا عنده وإن كان فاسد المذهب أو فاسقا بجوارحه ، وهذا النوع من القرينة وافرة في أحاديث كتب أصحابنا *.
ومنها : تعاضد بعضها ببعض (١).
ومنها : نقل العالم الثقة الورع ـ في كتابه الّذي ألّفه لهداية الناس ولأن يكون مرجع الشيعة ـ أصل رجل أو روايته مع تمكّنه من استعلام حال ذلك الأصل أو تلك الرواية وأخذ الأحكام بطريق القطع عنهم عليهمالسلام **.
______________________________________________________
يفيد أزيد من ذلك لمن يلقي السمع وهو شهيد. والشيخ رحمهالله روى عن ابن عقدة عن أحمد بن محمّد المعروف بابن الصلت جميع رواياته ، وابن الصلت ممدوح غير موثّق وابن عقدة زيديّ ، فلو كانت الروايات الّتي رواها أخذها من أصل ثابت غير ما رواه عنه لم يحسن منه أن يدخل فيها هذه الجهالة والشبهة.
* العجب! من ادّعائه حصول صدق الراوي والعلم به بمجرّد كونه ثقة مع فساد مذهبه أو فسقه ، فإنّا ربّما مع المعاشرة التامّة لا نطّلع على حقيقة حال المعاشر ولا نعرف ولا نقطع عليه إلّا بالظاهر ممّا يوجب الظنّ الراجح أو مطلق الظنّ أو الاعتقاد المحتمل غير مطابقته لنفس الأمر ، فكيف يثبت عندنا بالقطع حال من بعد عنّا وبيننا وبينه مائة سنة ويتحقّق ذلك بالقرائن وما عرفنا حاله إلّا من أخبار الغير؟ وحالهم عندنا أيضا لا يخرج عمّا ذكرناه. نعم ربّما أنّ ذلك يفيد ظنّا راجحا مساويا لما يحصل من خبر الواحد العدل الإماميّ كما يقوله الشيخ رحمهالله عند تجويزه العمل بخبر الثقة مطلقا ، فمجازفة المصنّف في الدعاوي غير متّحدة.
** دعوى التمكّن من ذلك عجيب! ولو أمكن ما حصل اختلاف كثير بين الأخبار ، والعلماء (٢) وتعبوا في تأويل الأخبار بالوجوه البعيدة ، لكثرتها وعدم ترجيحهم لاطراح الضعيف منها ، لما ذكرناه سابقا ولو كانوا (٣) نبّهوا على صحّة المأخوذ من الكتب الصحيحة ، وذلك لا يختلف ولا يجوز عليه الاختلاف بعد العلم بمضمونه وصحّته على وجه القطع كما في المتواتر والمحفوف بالقرائن ، لكونه معلوم الثبوت. والغاية الّتي ألّف الكتاب لها ثقة الإسلام لا يفوت
__________________
(١) خ : بعضا.
(٢) في الأصل زيادة : و.
(٣) كذا في الأصل ، وفي نسخة هامش الحجريّة : وكانوا. والعبارة على كلّ منهما مشوّشة.