المهمّات على آرائهم ، كأنّ كلّ امرئ منهم إمام نفسه قد أخذ منها فيما يرى بعرى ثقات وأسباب محكمات (١).
ومن كلامه عليهالسلام في وصيّته لابنه الحسن عليهالسلام : دع القول فيما لا تعرف والخطاب فيما لا تكلّف ، وأمسك عن طريق إذا خفت ضلالته فإنّ الكفّ عند حيرة الضلال خير من ركوب الأهوال. واعلم يا بنيّ إنّ أحبّ ما أنت آخذ به إليّ من وصيّتي تقوى الله والاقتصار على ما فرضه الله عليك والأخذ بما مضى عليه الأوّلون من آبائك والصالحون من أهل بيتك ، فإنّهم لم يدعوا أن نظروا لأنفسهم كما أنت ناظر وفكّروا كما أنت مفكّر ، ثمّ ردّهم آخر ذلك إلى الأخذ بما عرفوا والإمساك عمّا لا يكلّفوا ، فإن أبت نفسك أن تقبل ذلك دون أن تعلم كما كانوا علموا ، فليكن طلب ذلك بتفهّم وتعلّم لا بتورّط الشبهات وعلق الخصومات ، وابدأ قبل نظرك في ذلك بالاستعانة بإلهك والرغبة إليه في توفيقك وترك كلّ شائبة أولجتك في شبهة أو أسلمتك إلى ضلالة ، فإذا أيقنت أن قد صفا قلبك فخشع وتمّ رأيك واجتمع وكان همّك في ذلك همّا واحدا فانظر فيما فسّرت لك ، وإن أنت لم تجمع لك ما تحبّ من نفسك وفراغ نظرك وفكرك فاعلم أنّك تخبط العشواء وتتورّط الظلماء ، وليس طالب الدين من خبط أو خلط ، والإمساك عن ذلك أمثل ، فتفهّم يا بنيّ وصيّتي (٢) انتهى كلامه عليهالسلام.
وفي الكافي ـ في باب البدع والرأي والمقاييس ـ محمّد بن يحيى ، عن بعض أصحابه وعليّ بن إبراهيم عن هارون بن مسلم ، عن مسعدة بن صدقة ، عن أبي عبد الله عليهالسلام. وعليّ بن إبراهيم عن أبيه ، عن ابن محبوب ، رفعه عن أمير المؤمنين عليهالسلام أنّه قال : إنّ من أبغض الخلائق إلى الله عزوجل لرجلين : رجل وكله الله إلى نفسه فهو جائر عن قصد السبيل مشعوف بكلام بدعة ، قد لهج بالصوم والصلاة فهو فتنة لمن افتتن به ، ضالّ عن هدى من كان قبله مضلّ لمن اقتدى به في حياته وبعد موته ، حمّال خطايا غيره رهن بخطيئته. ورجل قمش جهلا في جهّال الناس عان بأغباش الفتنة ، قد سمّاه أشباه الناس عالما ولم يغن فيه يوما سالما ، بكّر فاستكثر [ من
__________________
(١) نهج البلاغة : ١٢١ ، الخطبة ٨٨.
(٢) نهج البلاغة : ٣٩٢ ، الكتاب ٣١.