توضيح لذلك في كلامنا (١) *. ومن جملتها : تعاضد الأخبار بعضها بعضا. ومن جملتها : خصوصيّات أجزاء بعض الأحاديث. ومن جملتها : قرينة السؤال والجواب والدلالة الّتي لم تصر قطعيّة بمعونة القرائن لا توجب الحكم عندهم وإنّما توجب التوقّف.
وأمّا احتمال التقيّة فغير قادح فيما حقّقناه لما سبق : من أنّه يكفي أحد القطعين ومن أنّ مناط العمل القطع بأنّ الحكم ورد عنهم عليهمالسلام لا الظنّ بأنّه حكم الله في الواقع.
وممّا يدلّ على الفرق بين الجهتين ما ذكره الفاضل الشيخ حسن ابن الشهيد الثاني ـ رحمهماالله تعالى ـ في كتاب المعالم ، حيث قال ـ في مقام الردّ على من تمسّك في جواز العمل بخبر الواحد بأنّه يفيد الظنّ فيكون معتبرا كما اعتبر الشارع شهادة العدلين لإفادتها الظنّ ـ : ليس الحكم في الشهادة منوطا بالظنّ بل بشهادة العدلين فينتفي بانتفائها ، فهي ـ كما أشار إليه المرتضى رضى الله عنه في معنى الأسباب أو الشروط الشرعية ـ كزوال الشمس وطلوع الفجر بالنسبة إلى الأحكام المتعلّقة
______________________________________________________
* هذه الدعاوي الّتي يخترعها المصنّف على قدر ما يخطر بباله من غير بيّنة ولا برهان كثيرة منكورة ، ونحن نقلّب عليه الدعوى ونقول : إذا كان دأب الحكيم البيان التفهيم والإرشاد إلى الحقّ بأمر واضح ، كيف جاز منه ومن أجلّاء أصحابه أن يدوّنوا الأحاديث المختلفة المتضادّة وأن يثبتوا معها الأحاديث المخالفة للمذهب من غير ضرورة التقيّة ـ لما بيّنّاه ـ حتّى التبس الحقّ وظهرت الحيرة من غير موجب ظاهر أوجب لهم ارتكاب هذا المحذور المنافي لغرضهم وقصدهم؟ وكيف يمنع المصنّف من إرادة غير المعنى الظاهر من الحكيم والحال أنّ كتاب الاستبصار بتمامه في الجمع بين الأحاديث الّتي لا يجوز إرادة ظاهرها ، وأجهد الشيخ رحمهالله نفسه في تأويلها بما يوافق العقل والحقّ؟ وهيهات ان صحّ (٢) له ذلك في أغلبها! على أنّ الحقّ متى وضح في زمانهم عليهمالسلام؟ والدار دار ابتلاء حتّى يتّضح الحقّ والعمل به بعد غلبتهم ، وقد حصل الاختلاف والاشتباه بين معتقديهم وأتباعهم في زمانهم عليهمالسلام وبعد زمانهم ، فما يدّعيه المصنّف الضرورة والوجدان يناديان ببطلانه.
__________________
(١) مرّ في ص ١٧٨.
(٢) كذا ، والظاهر : أن يصحّ.