الجمعة وصلاة الظهر ـ لأنّا نعلم اشتغال الذمّة بإحداهما ولا نعلمها بعينها ، ونعلم أنّ الاشتباه ليس مسقطا لوجوبها.
وقد ظهر عليك من ذلك أنّ حرمة الجمع بينهما مخصوصة بما إذا علمنا ما هو الواجب بعينه. على أنّ القاعدة الشريفة المتقدّمة المستفادة من قوله عليهالسلام : « إذا أصبتم بمثل هذا ولا تدرون فعليكم الاحتياط حتّى تسألوا وتعلموا » (١). ومن حديث إطباق السماء المتضمّن لوجوب الاحتياط بأن تصلّى أربع صلوات إلى أربع جهات (٢) ومن غيرهما ، تقتضي وجوب الاحتياط بالجمع بين الفعلين الوجوديّين في هذين الموضعين وأشباههما ، ومصداقه عند النظر الدقيق الاكتفاء بصلاة الظهر بعد فوت وقت صلاة الجمعة ، لقطعنا بأنّ صلاة الظهر حينئذ مبرئة للذمّة ، وبأنّها غير بدعة. ويحتمل أن تكون صلاة الجمعة بدعة ، لفقد بعض شرائطها. بخلاف ما إذا تحيّر الفقيه في تعيين قدر المسافة هل هو عند الشارع أربعة فراسخ أو ثمانية؟ فإنّ احتمال البدعة مشترك حينئذ بين القصر والإتمام ، وكذلك احتمال الوجوب. وبخلاف ما إذا تخيّر بين وجوب التيمّم وبين وجوب الغسل للخروج عن المسجد ، فإنّ احتمال البدعة واحتمال الوجوب مشترك بين الطرفين. فافهم فإنّ هذه من معظمات الدقائق واحفظها تنتفع بها كثيرا.
السؤال الثالث
إنّه قد ذكر المحقّق الحلّي في اصوله ـ وهو في أكثر أبوابه اختصار كتاب العدّة لرئيس الطائفة مع زيادات وإيرادات من قبله ، رجع عنها في أواخر عمره في كتاب المعتبر ـ في مقام الردّ على ما نقلناه عن رئيس الطائفة ( حيث قال : والّذي أذهب إليه وهو مذهب جميع شيوخنا المتكلّمين المتقدّمين والمتأخّرين وهو الّذي اختاره سيّدنا المرتضى قدّس الله روحه ، وإليه كان يذهب شيخنا أبو عبد الله رحمهالله أنّ الحقّ في واحد وأنّ عليه دليلا ، من خالفه كان مخطئا فاسقا (٣) انتهى ) : وأمّا ما يفتقر إلى
__________________
(١) الكافي ٤ : ٣٩١ ، ح ١.
(٢) التهذيب ٢ : ٤٥ ، ح ١٢.
(٣) العدّة ٢ : ٧٢٥.