الواردة من الله تعالى ، إذ تعلّق التكليف يتوقّف على بلوغ الخطاب عند الأشاعرة ، ويتوقّف على أحد الأمرين ـ تفطّن العقل بالحكم ، أو بلوغ الخطاب ـ عند المعتزلة ومن وافقهم ، والمفروض انتفاء الأمرين في زمن الفترة فانتفى تعلّق التكليف : إنّ (١) من لم يتفطّن بحكم الله في واقعة لم يتعلّق به ذلك الحكم. لكن هذا خلاف قواعدهم ، لأنّهم لم يبنوا فتاويهم على أنّ زمانهم زمان الفترة ، بل يقولون : هكذا نزلت الشريعة. وبين المقامين بون بعيد.
وتوضيح المقام : أنّ أهل الفترة معذورون لغفلتهم عن ورود الشريعة ، وكذلك من علم إجمالا ولم يعلم تفصيلها ، وبعد العلم بالتفاصيل في أمّهات الأحكام مثل ( آللهُ أَذِنَ لَكُمْ أَمْ عَلَى اللهِ تَفْتَرُونَ ) (٢) ومثل ( لا تَقْفُ ما لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ ) (٣) ومثل ( إِنَّ الظَّنَّ لا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئاً ) (٤) مع قوله تعالى : ( أَلَمْ يُؤْخَذْ عَلَيْهِمْ مِيثاقُ الْكِتابِ أَنْ لا يَقُولُوا عَلَى اللهِ إِلَّا الْحَقَّ ) (٥) وغير ذلك لا يتّجه العذر.
ثمّ اعلم أنّ التمسّك بما اختاره السيّد المرتضى الفترة في زمن إنّما يجري في زمن الغيبة الكبرى في سقوط وجوب فعل وجودي وفي الفتوى بسقوطه عنّا ما دمنا جاهلين متفحّصين. ولا يجري في سقوط حرمته ، لأنّا بلغنا القواعد الكلّية الواردة عنهم عليهمالسلام المشتملة على وجوب الاجتناب عن كلّ فعل وجوديّ لم نقطع بجوازه عند الله.
هكذا ينبغي أن تحقّق هذه المباحث. والتكلان على توفيق الملك العلّام ودلالة أهل الذكر عليهمالسلام وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء والله ذو الفضل العظيم ، ومن يؤت الحكمة فقد اوتي خيرا كثيرا.
السؤال الرابع عشر
إذا اغتسل رجل غسل يوم الجمعة ولم يكن على وضوء ثمّ شكّ في كون
__________________
(١) مقول لقوله : يمكن أن يقال.
(٢) يونس : ٥٩.
(٣) الاسراء : ٣٦.
(٤) يونس : ٣٦.
(٥) الأعراف : ١٦٩.