طاهر حتّى يستيقن أنّه قذر (١) وبأنّه كلّ ماء طاهر حتّى يستيقن أنّه قذر (٢).
لأنّا نقول : التمسّك بالأصل وبتلك الأخبار إنّما يتّجه إذا لم نعلم طروّ تلك الحالة ، وبعد علمنا بطروّها لا يتّجه * على أنّا نقول : الروايتان الواردتان في الإنائين المشتبهين والروايات الواردة في الثوبين المشتبهين والواردة في اختلاط لحم المذكّى بغير المذكّى والواردة في اختلاط الحلال بالحرام ، موجبة للقطع بوجوب الاجتناب عن ذلك الماء وعن الإنائين المشتبهين.
ثمّ اعلم أنّ هنا أقساما ثلاثة : المحكوم عليه بالطهارة ، والمحكوم عليه بالنجاسة والمحكوم عليه بوجوب التوقّف عن الحكمين وبوجوب الاجتناب عنه. ومن المعلوم : أنّ الملاقي لأحد الثلاثة حكمه حكم أحد الثلاثة.
وللمتأخّرين في هذه المسائل تدقيقات لا تشفي عليلا ولا تروي غليلا والله الموفّق للصواب.
فائدة
تختلف طريقة الاحتياط في أحكام الله تعالى بحسب قلّة البضاعة في علم
______________________________________________________
* مدلول هذه الأحاديث مع أنّ الأصل في الأشياء الطهارة : أنّه لا يحكم بنجاسة الماء إلّا عند تيقّن النجاسة ، وفي هذه الحالة لم يتيقّن النجاسة. وفي بعض الأحاديث دلالة على الحكم بطهارة الماء وإن غلب على الظنّ النجاسة ، كصحيحة أبي خالد القمّاط أنّه سمع أبا عبد الله عليهالسلام يقول في الماء يمرّ به الرجل وهو نقيع فيه الميتة والجيفة : إن كان الماء قد تغيّر ريحه أو طعمه فلا تشرب ولا تتوضّأ ، وإن لم يتغيّر ريحه وطعمه فاشرب وتوضّأ (٣).
وهذه الرواية صريحة في المطلوب ومعتضدة بالأصل والأحاديث المذكورة وغيرها ، فكيف يجوز العدول عنها والقطع بتعيّن التيمّم؟ مع أنّه لا يشرع إلّا عند تيقّن فقد الماء إذا كان هو المسوّغ له ، وهو خلاف الاحتياط والتوقّف الّذي يوجب المصنّف الرجوع إليه في غالب الأحكام. وأكثر قطعيّاته وتيقّناته من هذا القبيل.
__________________
(١) راجع الوسائل ٢ : ١٠٥٣ الباب ٣٧ من أبواب النجاسات.
(٢) راجع الوسائل ١ : ٩٩ الباب الاول من أبواب الماء المطلق.
(٣) الوسائل ١ : ١٠٣ الباب ٣ من أبواب ماء المطلق ، ح ٤.