أقول (١) : تحرير الكلام إنّ الخبر محمول على ظاهره غير متروك الظاهر وأنّه صحيح مضمونه على ما اعترف به في أوّل كلامه ، حيث قال صحّ عن النبيّ صلىاللهعليهوآله.
بيانه : أنّ الشيخ أبا عليّ رحمهالله قال في أوّل تفسيره : التفسير معناه كشف المراد عن اللفظ المشكل ، والتأويل ردّ أحد المحتملين إلى ما يطابق الآخر. وقيل : التفسير كشف المغطّى ، والتأويل انتهاء الشيء ومصيره وما يؤول إليه أمره. وهما قريبان من الأوّلين ، فالمعنى : من فسّر وبيّن وجزم وقطع بأنّ المراد من اللفظ المشكل مثل المجمل والمتشابه كذا ، بأن يحمل المشترك اللفظي مثلا على أحد المعاني من غير مرجّح ـ وهو إمّا دليل نقلي كخبر منصوص أو آية اخرى كذلك أو ظاهر أو إجماع أو عقلي ـ ، أو المعنوي (٢) المراد به أحد معانيه بخصوصه بدليل غير الدليل المذكور على فرد معيّن ، فقد أخطأ (٣).
وبالجملة ، المراد من التفسير الممنوع برأيه وبغير نصّ هو القطع بالمراد من اللفظ الّذي غير ظاهر فيه من غير دليل بل بمجرّد رأيه وميله ، واستحسان عقله من غير شاهد معتبر شرعا ، كما يوجد في كلام المبدعين ، وهو ظاهر لمن تتبّع كلامهم. والمنع منه ظاهر عقلا ، والنقل كاشف عنه ، وهذا المعنى غير بعيد عن الأخبار المذكورة بل ظاهرها ذلك (٤). انتهى كلامه أعلى الله مقامه.
وأنا أقول : أوّلا : كلام الفاضل الصالح ـ نوّر الله مرقده ـ ناطق بغفلته عن الأحاديث الواردة عن أهل الذكر عليهمالسلام المتعلّقة باصول الفقه والمتعلّقة بما يجب على الناس بعد موته صلىاللهعليهوآله والمتعلّقة بكتاب الله والمتعلّقة بكلام رسول الله صلىاللهعليهوآله أو عدم إمعانه النظر فيها أو دخول شبهة عليه أوجبت طرح تلك الأحاديث أو تأويلها بزعمه. وينبغي أن يحمل فعله على أحسن الوجوه الّتي ذكرناها ، لأنّه كان من عظماء المقدّسين ـ قدّس الله أرواحهم ـ وتلك الأحاديث الشريفة مع تواترها معنى صريحة في أنّ استنباط الأحكام النظرية من كتاب الله ومن السنّة النبوية شغلهم ـ
__________________
(١) قائله الأردبيلي رحمهالله.
(٢) يعني بأن يحمل المشترك المعنوي.
(٣) جواب لقوله : من فسّر وبيّن ....
(٤) زبدة البيان : ١ ـ ٣.