محمّد بن الحسين ، عن جعفر بن بشير ، عن عاصم قال : حدّثني مولى سلمان عن عبيدة السلماني قال سمعته يقول : يا أيّها الناس اتّقوا الله! ولا تفتوا الناس بما لا تعلمون ، فإنّ رسول الله صلىاللهعليهوآله قد قال قولا آل منه إلى غيره ، من قال قولا وضع على غير موضعه كذب عليه ، فقال عبيدة وعلقمة والأسود واناس معهم : يا أمير المؤمنين فما نصنع بما خبّرنا في المصحف؟ فقال : سلوا عن ذلك علماء آل محمّد عليهمالسلام (١).
وأقول ثالثا : ذكر العلّامة أبو عليّ الطبرسي في أوائل مجمع البيان : روي عن ابن عبّاس عن رسول الله صلىاللهعليهوآله أنّه قال : « من قال في القرآن بغير علم فليتبوّأ مقعده من النار » وصحّ عنه صلىاللهعليهوآله من رواية العامّ والخاصّ أنّه قال : « إنّي تارك فيكم ما إن تمسّكتم به لن تضلّوا كتاب الله وعترتي أهل بيتي ، وأنّهما لن يفترقا حتّى يردا عليّ الحوض » وإنّما أحذف أسانيد هذه الأحاديث ايثارا للتخفيف ولاشتهارها عند أصحاب الحديث ثمّ ذكر (٢) :
واعلم أنّ الخبر قد صحّ عن النبيّ صلىاللهعليهوآله وعن الأئمّة القائمين مقامه عليهمالسلام أنّ تفسير القرآن لا يجوز إلّا بالأثر الصحيح والنصّ الصريح ، وروت العامّة أيضا عن النبيّ صلىاللهعليهوآله أنّه قال : « من فسّر القرآن برأيه فأصاب الحقّ فقد أخطأ » قالوا : وكره جماعة من التابعين القول في القرآن بالرأي كسعيد بن المسيّب وعبيدة السلماني ونافع وسالم ابن عبد الله وغيرهم. والقول في ذلك : إنّ الله سبحانه وتعالى ندب إلى الاستنباط وأوضح السبيل إليه ومدح أقواما عليه فقال : « لعلمه الّذين يستنبطونه منهم » وذمّ آخرين على ترك تدبّره والإضراب عن التفكّر فيه فقال : ( أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلى قُلُوبٍ أَقْفالُها ) وذكر أنّ القرآن منزل بلسان العرب فقال : ( إِنّا جَعَلْناهُ قُرْآناً عَرَبِيًّا ) وقال النبيّ صلىاللهعليهوآله : « إذا جاءكم عنّي حديث فاعرضوه على كتاب الله فما وافقه فاقبلوه وما خالفه فاضربوا به عرض الحائط » فبيّن أنّ الكتاب حجّة ومعروض عليه ، وكيف يمكن العرض عليه وهو غير مفهوم المعنى؟ فهذا وأمثاله يدلّ على أنّ
__________________
(١) بصائر الدرجات : ١٩٦ ، ح ٩.
(٢) لا يخفى أنّ جميع ما ذكره ـ من قوله : واعلم ... الخ ـ قد تقدّم قريبا في ضمن ما نقله عن المحقّق الأردبيلي قدسسره انظر ص ٣٥٣.