جعلت فداك! أرأيت إن كان الفقيهان عرفا حكمه من الكتاب والسنّة ووجدنا أحد الخبرين موافقا للعامّة والآخر مخالفا لهم بأيّ الخبرين يؤخذ؟ قال : ما خالف العامّة ففيه الرشاد. فقلت : جعلت فداك! فإن وافقهما الخبران جميعا؟ قال : ينظر إلى ما هم إليه أميل حكّامهم وقضاتهم فيترك ويؤخذ بالآخر. قلت : فإن وافق حكّامهم الخبرين جميعا؟ قال : إذا كان ذلك فأرجه حتّى تلقى إمامك ، فإنّ الوقوف عند الشبهات خير من الاقتحام في الهلكات (١).
وروى رئيس الطائفة ـ في التهذيب ـ بسنده عن عبد الملك بن أعين قال : حجّ جماعة من أصحابنا فلمّا وافوا المدينة ودخلوا على أبي جعفر عليهالسلام فقالوا : إنّ زرارة أمرنا بأن نهلّ بالحجّ إذا أحرمنا ، فقال لهم : تمتّعوا. فلمّا خرجوا من عنده دخلت عليه فقلت : جعلت فداك! والله لئن لم تخبرهم بما أخبرت به زرارة ليأتينّ الكوفة وليصبحنّ بها كذّابا. قال : ردّهم عليّ ، قال : فدخلوا عليه فقال : صدق زرارة ، ثمّ قال : أما والله! لا يسمع هذا بعد اليوم أحد منّي (٢).
وروى بسنده عن إسماعيل الجعفي قال : خرجت أنا وميسر واناس من أصحابنا فقال لنا زرارة : لبّوا بالحجّ ، فدخلنا على أبي جعفر عليهالسلام فقلنا : أصلحك الله! إنّا نريد الحجّ ونحن قوم صرورة ـ أو كلنا صرورة ـ فكيف نصنع؟ فقال : لبّوا بالعمرة. فلمّا خرجنا قدم عبد الملك بن أعين فقلت له : ألا تعجب من زرارة قال لنا : لبّوا بالحجّ وإنّ أبا جعفر عليهالسلام قال لنا لبّوا بالعمرة؟ فدخل عليه عبد الملك بن أعين فقال له : إنّ اناسا من مواليك أمرهم زرارة أن يلبّوا بالحجّ عنك وأنّهم دخلوا عليك فأمرتهم أن يلبّوا بالعمرة ، فقال أبو جعفر عليهالسلام : يريد كلّ إنسان منهم أن يسمع على حدة أعدهم عليّ فدخلنا فقال : لبّوا بالحجّ ، فإنّ رسول الله صلىاللهعليهوآله لبّى بالحجّ (٣).
وفي كتاب عيون أخبار الرضا عليهالسلام : حدّثنا عليّ بن أحمد بن عبد الله بن أحمد ابن أبي عبد الله البرقي ومحمّد بن موسى البرقي ومحمّد بن عليّ ماجيلويه ، عن أحمد بن محمّد بن خالد ، عن أحمد بن محمّد السياري قال حدّثنا عليّ بن أسباط
__________________
(١) الكافي ١ : ٦٧ ، ح ١٠.
(٢) التهذيب ٥ : ٨٧ ، ح ٩٧.
(٣) التهذيب ٥ : ٨٧ ، ح ٩٨.