الكلام ونفسه أي لم يكن قرينة صارفة يحمله المخاطب على المعنى الحقيقي ، لأنّه راجح حينئذ.
والمراد من الأصل في قولهم : « الأصل براءة الذمّة » هذا المعنى ، وكذلك من قولهم : « الأصل في الماء عدم تنجّسه » ويمكن أن يكون المراد من الأصل في هاتين الصورتين المستصحب أي الحالة السابقة. وأمّا قولهم : « الأصل في كلّ ممكن عدمه » فيمكن حمله على الحالة الراجحة ، ويمكن حمله على الحالة السابقة ، لكنّ الثاني إنّما يصحّ عند من لم يقل بعدم بعض الممكنات ، وجمهور الفلاسفة قالوا بذلك على التفصيل المشهور في كتب الحكمة والكلام. والأشاعرة قالوا بقدم الصفات السبع في حقّه تعالى.
واعلم أنّ المذكور في شرح المختصر مكان « الاستصحاب » « المستصحب » وهو بفتح الحاء ، وهو من جملة معاني الأصل وإنّما عدل الشهيد الثاني رحمهالله عنه ، لأنّ من جملة الأدلّة الشرعية الاستصحاب لا المستصحب ، وإطلاق مأخذ الاشتقاق وإرادة المشتقّ شائع ذائع.
مثال تعارض الأصل والظاهر : ثوب القصارين وأرض الحمّامات ، فإنّ الظاهر ـ أي المظنون ـ ورود النجاسة عليهما ، والأصل أي الحالة السابقة عدم الورود. ويمكن حمل الأصل هنا على الحالة الراجحة كما لا يخفى على اللبيب.
وأمّا قولهم : « الأصل يقدّم على الظاهر » فيصحّ بمعنى المستصحب وبمعنى الحالة الراجحة. وهذه القاعدة موافقة لتصريحات كلامهم عليهمالسلام لكنّها عند التحقيق والنظر الدقيق جارية في الوقائع الجزئية لا في أحكام الله تعالى ، لأنّه تواترت الأخبار عن الأئمّة الأطهار عليهمالسلام بأنّ لكلّ واقعة حكما معيّنا قطعيا واردا من الله تعالى حتّى أرش الخدش ، والجاهل بعينه يجب عليه التوقف إلى أن يطّلع عليه.
وأمّا قولهم : « الأصل في البيع اللزوم » فمن المعلوم : أنّ الأصل فيه ليس بمعنى الحالة السابقة ، ولا بمعنى الحالة الراجحة إذا خلّي الشيء ونفسه ، لثبوت خيار المجلس ، فلذلك حمل على القاعدة. وكثيرا ما يتمسّك بتلك القاعدة الفقهاء في