حال حدوثه أو في حال عدمه ، فعلى الأوّل يلزم الفرض المحال من تحصيل الحاصل ، وعلى الثاني والثالث يلزم الخلف مع المطلوب.
والدليلان الآخران سنحا لي ، فالأوّل منهما أنّ تأثير الفاعل منحصر في قسمين : الإخراج من العدم إلى الوجود وحفظ وجود الموجود ، ومن المعلوم أنّ القسم الأوّل لا يتصوّر في الممكن القديم ، وأنّ القسم الثاني غير كاف في الوجود المستفاد من الغير. والثاني منهما : أنّ كلّ ممكن يكون بقاؤه قديما يحتاج إلى حفظ الفاعل إيّاه أزلا وكلّ ما احتاج إلى الحفظ استغنى عن إيجاد الفاعل إيّاه (١).
والدليل الثاني منها : أنّه لو وجد ممكن قديم لكان بقاؤه قديما ولكان إيجاده إيجاد الباقي ، فيلزم الفرض (٢) المحال من تحصيل الحاصل.
وتوضيحه أن يقال : كما أنّ إيجاد شيء في زمان بقاؤه يستلزم الفرض المحال من تحصيل الحاصل ، كذلك إيجاد شيء بقاؤه قديم يستلزم الفرض المحال من تحصيل الحاصل. والمتأخّرون لمّا غفلوا عن أنّ قدم الممكن يستلزم قدم بقائه أو عن أنّ إيجاد الباقي يستلزم تحصيل الحاصل المحال ، أو عنهما زعموا أنّه لم يتمّ دليل عقلي على إثبات حدوث العالم وإنّما تمّ على حدوث الأجسام (*).
______________________________________________________
* من تأمّل جوابي المصنّف وجدهما راجعين إلى الجواب المشهور في المعنى مع تفسير بعض اللفظ ، لأنّ الإخراج من العدم إلى الوجود وحفظ الموجود يرجعان إلى الشقّ الثالث. والأوّل من الجواب المشهور في جوابه الأوّل. وقوله : « لكان إيجاده إيجاد الباقي » في جوابه الثاني يرجع إلى الأوّل من المشهور. وجعل المصنّف أحد الاحتمالين في جوابه الأوّل حفظ الموجود لا مناسبة له ، لأنّ المفروض أنّ الحادث هو الّذي لا يتقدّم له وجود لذاته ، فكيف يحتمل فيه أن يراد تأثير حفظ وجوده القديم.
وقول المحقّق : « والواسطة غير معقولة » إن أراد بها الواسطة بين القديم ووجوده فالأمر كذلك ، لأنّ ثبوتها مناف للقدم ، وإن أراد غير ذلك لم يتّضح ما أراده ممّا ذكر من الأجوبة.
__________________
(١) وردت هذه الفقرة في النسخ بعد قوله : « والدليل الثاني منها ... على حدوث الأجسام » والصواب ما نضدناه.
(٢) في خ هنا وفيما يأتي : الفرد المحال.
(٣) يعني غفلوا عنهما.