أقرب إلى الاعتبار من حيث إنّ عموم القدرة إنّما هو لكمال القوّة ، ولا شكّ أنّ القوّة الكاملة أبعد عن احتمال الخطأ من الناقصة ، فكيف يستويان؟
سلّمنا ، ولكن التعويل في اعتماد ظنّ المجتهد المطلق إنّما هو على دليل قطعي وهو إجماع الامّة عليه وقضاء الضرورة به. وأقصى ما يتصوّر في موضع النزاع أن يحصل دليل ظنّي يدلّ على مساواة التجزّي للاجتهاد المطلق ، واعتماد المتجزّي عليه يفضي إلى الدور لأنّه متجزّ (١) في مسألة التجزّي وتعلّق بالظنّ في العمل بالظنّ. ورجوعه في ذلك إلى فتوى المجتهد المطلق وإن كان ممكنا لكنه خلاف المراد ، إذ الفرض إلحاقه ابتداء بالمجتهد المطلق وهذا إلحاق له بالمقلّد بحسب الذات ، وإن كان بالعرض إلحاقا بالاجتهاد ، ومع ذلك فالحكم في نفسه مستبعد ، لاقتضائه ثبوت الواسطة بين أخذ الحكم بالاستنباط والرجوع فيه إلى التقليد. وإن شئت قلت : تركّب التقليد والاجتهاد (٢). انتهى كلامه أعلى الله مقامه.
وأقول : يرد عليه أنّ إجماع الامّة غير مسلّم ، بل معلوم البطلان لما سيجيء نقله عن الأئمّة عليهمالسلام وعن قدمائنا وعن جمع من العامّة ، وقضاء الضرورة به باطل قطعا إن كان المقصود منه دعوى البداهة ، وغير مسلّم إن كان المقصود إلجاء الضرورة إليه ، كما سيجيء بيان الكلّ إن شاء الله *.
______________________________________________________
ظنّه في المسألة عنده أرجح من الظنّ الّذي يحصل له من قول المجتهد ، والدليل القاطع إنّما دلّ على لزوم الرجوع إلى قول المجتهد المطلق للمقلّد الصرف دون المتجزّي ، ولا شكّ أنّه بعد مراجعة الدليل وإنعام التأمّل في الحكم لمن تأهّل ذلك يحصل عنده ظنّ راجح على الظنّ الّذي يحصل له من قول المجتهد ، فيجب العمل بأقوى الظنّين.
* قال الأخ الشيخ حسن ـ قدّس الله روحه ـ في المعالم في الاحتجاج على ثبوت الإجماع وصحّة العمل به : لمّا ثبت عندنا بالأدلّة العقليّة والنقليّة كما حقّق مستقصى في كتب أصحابنا الكلاميّة أنّ زمان التكليف لا يخلو من إمام معصوم حافظ للشرع يجب الرجوع إلى قوله فيه ، فمتى أجمعت الامّة على قول كان داخلا في جملتها ، لأنّه سيّدها والخطاء مأمون على
__________________
(١) في المصدر : لأنّه تجزّ.
(٢) معالم الدين : ٢٣٩ ـ ٢٤٠.