فائدة
فيما حقّقناه واخترناه في ربط الحادث بالقديم من أنّ العدم الأزلي لكلّ ممكن جزء من أجزاء علّته التامّة يكفي أقلّ ما يمكن أن يكون بين القديم والحادث ، لأنّ الوجود المستفاد من الغير يكفي فيه هذا القدر من العدم (١) وبهذا التحقيق انحلّ ما يقال : من أنّ إيجاد المعلول في وقت معيّن يحتاج إلى مرجّح ذلك الوقت على غيره من الأوقات.
ثمّ اعلم أنّ هذا الزمان الغير المتناهي الأزلي الّذي هو ظرف لعدم أوّل الممكنات وهميّ صرف ، إذ ليس منشأ يصحّ انتزاعه منه فلا تمايز بين أجزائه. هكذا ينبغي أن يتحقّق هذه المباحث وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء *.
فائدة
لنا أن نبرهن على الاحتمال الثالث المستفاد من كلام أصحاب العصمة
______________________________________________________
* إذا كان قول أصحاب العصمة : إنّ القديم ما لا أوّل لوجوده والحادث ما له أوّل ، والقادر المختار الّذي لا يلزمه إيجاد الفعل عند حصول الإرادة والداعي كما ذكره في تفسير القدرة علم من ذلك : أنّ الحادث لا بدّ من سبقه عدم بأيّ معنى فرض. وأمّا ما ذكره المصنّف من التوجيه الّذي تفرّد بتحقيقه عن الفلاسفة والمتكلّمين من القطعة الممتدّة المنتزعة وأنّها هي الجزء الأخير من العلّة التامّة من المعلول الأوّل ولا ترتّب ولا تعاقب في نفس الأمر بين أجزاء ذلك الأمر الممتدّ الانتزاعي ـ إلى آخر ما ذكره في توجيهه ـ لم يظهر له وجه تميز عن غيره ولا معنى واضح ، ولكن الفارس وإن كان جاهلا بالفروسيّة وخاملا فيها إذا انفرد وحده يسوق فرسه حيث شاء ويدّعي ما يشتهي ، ولو كان مع حضور الفرسان ضاقت به الحيلة وعرف قصور ذرعه عند هذه المطالب الجليلة. ومن يسلّم له هذه التمحّلات الّتي تمدّح بانفراده بتحقيقها وأطال في تغليط أربابها الحقيقيّين بعلمها دونه حتّى يحقّ له أن يجعلها لنفسه فضيلة ويتمدّح بها؟ وإذا كان في الامور الظاهرة البيّنة غلطه فيها أكثر من إصابته فكيف في الامور الخفيّة الدقيقة؟ وإذا أجاد المتأمّل تأمّل كلامه فيها يجده كسراب بقيعة يحسبه الظمآن ماء.
__________________
(١) في ط العبارة هكذا : يكفي فيه هذا القدر من العدم ، لكن لعدم تناهيه ليس له أقلّ. هكذا ينبغي ....