شديد وبأنّ أكثر عساكره أولاد العجم (١). وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء والعاقبة للمتّقين.
وفي تفسير عليّ بن إبراهيم في تفسير قوله : ( وَلَوْ نَزَّلْناهُ عَلى بَعْضِ الْأَعْجَمِينَ * فَقَرَأَهُ عَلَيْهِمْ ما كانُوا بِهِ مُؤْمِنِينَ ) (٢) قال الصادق عليهالسلام : لو نزل القرآن على العجم ما آمنت به العرب ، وقد نزل على العرب فآمنت به العجم فهذه فضيلة العجم (٣).
وفي كتاب الملل والنحل لأبي الفتح محمّد بن عبد الكريم بن أحمد الشهرستاني ـ وهو موضع في خراسان بين نيسابور وخوارزم ـ : ومن الفلاسفة حكماء الهند من البراهمة لا يقولون بالنبوّات أصلا. ومنهم حكماء العرب وهم شرذمة قليلة ، لأنّ أكثر حكمهم فلتات الطبع وخطرات الفكر ، وربّما قالوا بالنبوّات.
ومنهم حكماء الروم وهم منقسمون إلى القدماء الّذين هم أساطين الحكمة وإلى المتأخّرين منهم ـ وهم المشّاءون [ وأصحاب الرواق ] (٤) وأصحاب أرسطاطاليس ـ وإلى فلاسفة الإسلام الّذين هم حكماء العجم ، وإلّا فلم ينقل عن العجم قبل الإسلام مقالة في الفلسفة ، إذ حكمهم كلّها كانت متعلّقات من النبوّات ، إمّا من الملّة المتقدّمة وإمّا من سائر الملل ، غير أنّ الصابئة كانوا يخلطون الحكمة بالصبوة. فنحن نذكر مذاهب الحكماء القدماء من الروم واليونانيّين على الترتيب الّذي نقل في كتبهم ، ونعقّب ذلك بذكر سائر الحكماء ، فإنّ الأصل في الفلسفة والمبدأ في الحكمة للروم وغيرهم كالعيال لهم (٥). انتهى ما أردنا نقله عن الملل والنحل.
انظر أيّها اللبيب إلى أنّه كانت عادة العجم دائما التمسّك بكلام أصحاب العصمة وأرباب الوحي ، وما كان دأبهم الاعتماد على فلتات الطبع ولا على الأنظار العقلية الّتي قد تصيب وكثيرا ما تخطئ ، كما يشهد بذلك من تتبّع كتب الاصوليين وغيرها. وهذا من جملة الأدلّة على أنّهم أصحاب أذهان مستقيمة وفطنة قويمة *.
______________________________________________________
* إنّ الله ـ سبحانه وتعالى ـ يقول : ( إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللهِ أَتْقاكُمْ ) والحديث المشهور :
__________________
(١) راجع الغيبة للنعماني : ١٤٣ ، باب ما روي في صفته وسيرته وفعله عليهالسلام.
(٢) الشعراء : ١٩٨ ـ ١٩٩.
(٣) تفسير القمي ٢ : ١٢٤.
(٤) من المصدر.
(٥) الملل والنحل ٢ : ٦٠.