ودقائق استخرجها من مظانّها عجيبة ، متّن فيه غرض شيوخنا الأعلام من المتقدّمين من الأخباريّين وغيرهم ، ونقد في هذا الكتاب على الأفاضل من المتأخّرين نقد ماهر متقن منصف نصير لقن فطن لبيب خبير ، لا تأخذه في الله لومة لائم.
فلله درّه! من مجاهد بذل في تحقيق مقاصد المتقدّمين جهده بلغ بذلك الغاية القصوى واستدرك على المتأخّرين الدقائق المطوية في أخبار العترة النبويّة ، فأزاح عن كلّ منهم علل البلول ، وخاض في كلّ فنّ من العلوم لا سيّما فقه الأحاديث عن أهل بيت العصمة ـ سلام الله عليهم ـ خوض متمسّك بالحبل الأقوى بتدقيق وتتبّع وإمعان نظر ، ابتغاء لإظهار الحقّ ، والنصيحة لأهل التقوى. فلمّا أخلص نيّته وبذل في المجاهدة همّته لحظه بعين العناية عالم السرّ والنجوى ، فعند ذلك كشف له الحجاب فاستخرج المكنون في أخبار الرسول ، فصار بيّنا للناظرين فكان كالبدر المنير وأضوى.
فانظر أيّها اللبيب! بعين البصيرة إلى ما حقّقه ـ أيّده الله ـ وتناوله بيد غير قصيرة ، والّذي أعتقده وأدين الله به إنّما منحه الله ـ جلّ ذكره ـ بهذا التحقيق الّذي قلّ من تنبّه إليه التنبّه التامّ أحد من متأخّري المتأخّرين ، لإخلاص عظيم وذوق سليم وفهم مستقيم ، ولمجاهدته أيضا في الله حقّ جهاده وفّقه سبحانه لمراده كما قال في الكتاب المبين ( وَالَّذِينَ جاهَدُوا فِينا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنا ) وغيرها من الآيات المحكمة في الكتاب.
فمن ثمّ أصاب الثواب وأبان الحقّ الواضح لاولي الألباب وأخذ العلم من معدنه وأخلص لله عمله ، فأوصله الله إلى ما أوصله ، فقرّر عند ذلك ما عليه الطائفة المحقّة من الدين الخالص من عقائدهم وشرائع دينهم وما يحتاجون ـ وجلّ ذلك ومعظمه مستفاد من أخبار أئمّتهم سلام الله عليهم ـ تقرير جازم حريص على حفظ الملّة الحنيفيّة والمذهب الّذي عليه الإماميّة. وكلّ ذلك على النهج السويّ المأخوذ من عترة آل النبيّ سلام الله عليهم.
فشكر الله سعيه وأطال بقاءه وجعل مدّته متّصلة بخروج حجّة الله على عباده وبقيّة الله في أرضه ، القائم من آل محمّد صلىاللهعليهوآله وأسأل الله أن يجعله ممّن له الحظّ الوافر عنده عليهالسلام وما ذلك على الله بعزيز ، وجزاه الله عن كلّ مؤمن منصف خيرا ،