وهو يدرك الأبصار ، وهو اللطيف الخبير ، ليس كمثله شيء وهو السميع البصير ، ما يكون من نجوى ثلاثة إلّا هو رابعهم ولا خمسة إلّا هو سادسهم ولا أدنى من ذلك ولا أكثر إلّا هو معهم أينما كانوا ، وهو الأوّل الّذي لا شيء قبله ، والآخر الّذي لا شيء بعده ، وهو القديم وما سواه محدث مخلوق ، تعالى عن صفات المخلوقين علوّا كبيرا (١).
وغير ذلك من الأخبار الّتي أوردها في الكافي ثقة الإسلام ، وأوردها رئيس المحدّثين في كتابه كتاب التوحيد.
وأمّا العلم التفصيلي المقرّر في علم الكلام والبحث عن كلّ مسألة مسألة ليس لي على الإحاطة ، بل لو الزمت عن الجواب عن كلّ مسألة منه لعجزت عن ذلك ، فهل يكفي في التوحيد ما وقع في ذهني من المعرفة الإجمالية مع مساعدة ظاهر الآيات القرآنية والأخبار الواردة عن العترة النبوية أم لا؟ وكذلك أعتقد أنّه ـ جلّ ذكره ـ أرسل رسلا ببيّنات وحجج لهداية عباده إليه ودلالتهم عليه ، أوّلهم آدم عليهالسلام وآخرهم خاتم الأنبياء والمرسلين وأشرف الأوّلين والآخرين محمّد صلىاللهعليهوآله وأنّ خليفته بلا فصل أفضل البشر من بعده أمير المؤمنين ـ سلام الله عليه ـ بالنصّ عليه وبعده الأئمّة الأحد عشر من ولده واحدا بعد واحد إلى صاحب الأمر والزمان محمّد بن الحسن المهدي ـ سلام الله عليهم أجمعين ـ وأنّ المهدي عليهالسلام حيّ مستور عن الناس إلى أن يأذن الله له بالخروج ، فيملأ الأرض قسطا وعدلا كما ملئت ظلما وجورا.
وقال بعض الأفاضل (٢) : إنّ ما في الاصول من النبوّة والإمامة والمعاد الجسماني يستفاد من الكتاب والسنّة النبويّة والإماميّة بحيث لا مزيد عليها. فظهر أنّ تحصيل الإيمان لا يتوقّف على تعلّم علم الكلام ولا المنطق ولا غيرها من العلوم المدوّنة بل يكفي مجرّد الفطرة الإنسانيّة على اختلاف مراتبها والتنبيهات الشرعيّة من الكتاب والسنّة المتواترة أو الشائعة المشهورة بحيث يحصل من العلم [ بها ] العلم بالمسائل المذكورة ، فكلّ ممكن برهان ، وكلّ آية حجّة ، وكلّ حديث دليل ، وفهم المقصود استدلال ، وكلّ عاقل مستدلّ وإن لم يعلم الصغرى ولا الكبرى ولا التالي ولا المقدّم
__________________
(١) لم نعثر عليه في الكافي ، رواه الصدوق في التوحيد : ٧٤ ، ح ٣٢.
(٢) لم نقف عليه.