يجوز الإتمام في مواضع القصر؟ والحال أنّه قد روى رئيس المحدّثين في الفقيه عن رسول الله صلىاللهعليهوآله أنّه قال : من صلّى في السفر أربعا فأنا بريء منه إلى الله (١).
وصحيحة زرارة عن أبي جعفر عليهالسلام قال : التقصير في السفر واجب كوجوب الاتمام في الحضر (٢).
وقال الحلبي : قلت لأبي عبد الله عليهالسلام : صلّيت الظهر أربع ركعات وأنا في السفر ، فقال : أعد (٣).
وصحيحة معاوية بن عمّار قال قلت لأبي عبد الله عليهالسلام : إنّ أهل مكّة يتمّون الصلاة بعرفات ، فقال : ويلهم أو ويحهم! وأيّ سفر أشدّ منه لا يتمّ (٤). وهذا الخبر مصرّح بتحتّم القصر وتحريم الإتمام. وقريب من ذلك صحيحة اخرى لمعاوية بن عمّار (٥) وحسنة اخرى أيضا له (٦) وقريب منها حسنة الحلبي أيضا (٧).
وروى إسحاق بن عمّار قال : قلت لأبي عبد الله عليهالسلام : في كم التقصير؟ فقال : في بريد ، ويحهم! كأنّهم لم يحجّوا مع رسول الله صلىاللهعليهوآله فقصّروا (٨).
وصحيحة زرارة بأمر عثمان لأمير المؤمنين عليهالسلام بصلاة الظهر أربعا بالناس فأبى عليهالسلام وقال : إذا لا اصلّي إلّا ركعتين (٩) ... وهي طويلة لا يخفى على شريف علمهم.
وغير ذلك من الأخبار ، وهي كما ترى خالية عن ذكر الرجوع ليومه. وخبر عرفات وغيره قرينة على عدم تحتّم الرجوع ليومه ، بل في بعضها تعيّن القصر في الأربعة لمقاصدها وإن لم يرد الرجوع ليومه مطلقا (١٠).
وقال بعضهم بتعيّن التقصير في الأربعة ، سواء رجع ليومه أم لم يرجع ، بشرط أن لا ينوي الإقامة على رأس الأربعة عشرة أيّام عند خروجه إلى الأربعة ، فإن قصد ذلك أتمّ في الأربعة.
فالمأمول من مولانا ـ أيّده الله تعالى ـ إمعان النظر في تحقيق هذه المسألة ، فإنّه
__________________
(١) الفقيه ١ : ٤٣٨ ، ح ١٢٧٢. (٢) الفقيه ١ : ٤٣٤ ، ح ١٢٦٥.
(٣) التهذيب ٢ : ١٤ ، ح ٧.
(٤) التهذيب ٣ : ٢١٠ ، ح ١٦.
(٥) التهذيب ٥ : ٤٣٣ ، ح ١٤٧.
(٦) الكافي ٤ : ٥١٨ ، ح ١.
(٧ و ٩) الكافي ٤ : ٥١٨ ، ح ٢ و ٣.
(٨) التهذيب ٣ : ٢٠٩ ، ح ١١.
(١٠) الكافي ٣ : ٤٣٣ ، ح ٥.