الحديث ، وسندها وهو طريق وصولها إلينا تواترا وشهرة أو آحادا ، وفي ذلك معرفة حال الرواة في الجرح والتعديل ، إلّا أنّ البحث عن أحوال الرواة في زماننا هذا كالمتعذّر ، لطول المدّة وكثرة الوسائط ، فالأولى الاكتفاء بتعديل الأئمّة الموثوق بهم في علم الحديث كالبخاري ومسلم والبغوي والصنعاني وغيرهم من أئمّة الحديث. ولا يخفى أنّ المراد معرفة متن السنّة بمعانيه لغة وشرعا ، وبأقسامه من الخاصّ والعامّ وغيرهما.
الثالث : وجوه القياس بشرائطها وأحكامها وأقسامها والمقبول منها والمردود ، وكلّ ذلك ليتمكّن من استنباط الصحيح.
وكان الأولى ذكر الإجماع أيضا ، إذ لا بدّ من معرفته ومعرفة مواقعه لئلّا يخالفه في اجتهاده.
ولا يشترط علم الكلام لجواز الاستدلال بالأدلّة السمعيّة للجازم بالإسلام تقليدا. ولا علم الفقه ، لأنّه نتيجة الاجتهاد وثمرته فلا يتقدّمه ، إلّا أنّ منصب الاجتهاد في زماننا إنّما يحصل بممارسة الفروع فهي طريق إليه في هذا الزمان ولم يكن الطريق في زمن الصحابة ذلك ويمكن الآن سلوك طريق الصحابة.
ثمّ هذه الشرائط إنّما هي في حقّ المجتهد المطلق الّذي يفتي في جميع الأحكام. وأمّا المجتهد في حكم دون حكم فعليه معرفة ما يتعلّق بذلك الحكم كذا ذكره الغزالي.
فإن قلت : لا بدّ من معرفة جميع ما يتعلّق بالأحكام لئلّا يقع اجتهاده في تلك المسألة مخالفا لنصّ أو إجماع. قلت : بعد معرفة جميع ما يتعلّق بذلك الحكم لا يتصوّر الذهول عمّا يقتضي خلافه ، لأنّه من جملة ما يتعلّق به ذلك الحكم ولا حاجة إلى الباقي ، مثلا الاجتهاد في حكم متعلّق بالصلاة لا يتوقّف [ على معرفة جميع ما يتعلّق بالصلاة ، ولا يتوقّف ] (١) على معرفة جميع ما يتعلّق بأحكام النكاح ، وحكمه أي الأثر الثابت بالاجتهاد غلبة الظنّ بالحكم مع احتمال الخطأ ، فلا يجري الاجتهاد في القطعيّات ، وفيما يجب فيه الاعتقاد الجازم من اصول الدين ، وهذا مبنيّ
__________________
(١) أثبتناه من هامش خ.