ثانياً : يدلّ هذا النصّ على أنّ من حاز مرتبة الإمامة فهو معصوم ، ولا يعمل إلاّ بهدي الله وأمره ، فهو ناظر إلى العصمة التي لا يجتمع معها إي ذنب أو معصيّة أو خطأ يخالف أمر الله تعالى وهديه ، وهذا المعنى لا تثبته الزيديّة للأنبياء ( عليهم السلام ) فضلاً عن الأئمّة ( عليهم السلام ) ، قال الهادي إلى الحق ( ت ٢٩٨ هـ ) في كتابه الجملة : وأنّ الأنبياء لم تزل مستحقّة لثواب الله منذ بعثها الله وأنّها لم تكفر قط ، ولم تفسق ، ولم تقم على شيء من الذنوب بعلم ولا بعمد وربّما أذنبت على الظنّ وطريق النسيان ، وأنّ ذنوبها صغائر مغفورة ، وأنّها لا تأتي الكبائر (١).
وقال أحمد الشرفي ( ت ١٠٥٥ هـ ) في عدّة الأكياس : ولا يجوز على الأنبياء صلوات الله عليهم السهو فيما أمروا بتبليغه من الشرائع ; لعصمة لهم ثابتة من الله تعالى ; لأنّ من شأن الحكيم حراسة خطابه من الغلط (٢).
وهذا نصّ واضح في أنّ العصمة في التبليغ فقط.
وقال يحيى بن حمزة ( ت ٧٤٩ هـ ) في المعالم : أمّا العصمة فمذهبنا تجويز الصغائر عليهم ، والمنع من وقوع الكبائر منهم ، والتقصير في آداء ما لزمهم آداءه من كذب وسهو وغلط (٣).
فهذه هي آراء الزيديّة في العصمة ، فهي لا تثبت ما أثبته صاحب الكتاب ، على أنّ هذه النصوص ذكروها في خصوص الأنبياء ( عليهم السلام ) فضلاً عن الأئمّة.
ولكنّنا نجد أنّ رأي صاحب الكتاب متوافق مع رأي الإماميّة في العصمة ، فقد أقاموا أدلّة كثيرة لإثبات هذا المعنى بحيث شحنت بها كتبهم الكلاميّة وغيرها.
____________
١ ـ الجملة : ١٨٦ ، ضمن مجموع الهادي إلى الحق.
٢ ـ عدّة الأكياس ٢ : ٨٣.
٣ ـ المعالم الدينيّة في العقائد الإلهيّة : ٩٥.