ومن المعلوم والثابت عند الزيديّة أنّهم يعتمدون القياس والاستحسان ، وهو أحد ركائز الاجتهاد عندهم (١) ، بل ألّفوا كتباً بعنوان القياس كما فعل الهادي يحيى بن الحسين ( ت ٢٩٨ هـ ).
وأمّا الأشخاص الذين ذكرهم صاحب الكتاب ، وذمّهم بشدّة وهم : أبو حنيفة ، وابن أبي ليلى ، وزفر ، ومحمّد بن الحسن ، فإنّ الزيديّة تجلّهم ، وتقدّرهم ، وتعتمد عليهم ، فأمّا أبو حنيفة فمقامه معروف عند الزيديّة حتّى أنّهم نُسبوا إليه في الفقه ، قال إبراهيم بن المؤيّد في الطبقات في مدح أبي حنيفة : الإمام الأعظم ، فقيه العراق ، ثمّ ذكر ثناء العلماء عليه وتمجيدهم له ، ثمّ قال : وروي أنّه مات مسموماً بسبب موالاته أهل البيت (٢).
وأمّا ابن أبي ليلى وهو عبد الرحمن ، فقد عدّوه من الثقات ، قال إبراهيم ابن المؤيّد في الطبقات : قال الثوري في تهذيب الأسماء واللغات : اتّفقوا على توثيقه وجلالته ، ثم قال : ذكره السيد صارم الدين في ثقات محدّثي الإمامية (٣).
وكذلك زفر الذي هو زفر بن هذيل بن قيس العنبري ، ومحمّد بن الحسن ، فإنّ الزيديّة تجلّهم وتروي عنهم (٤).
أمّا الإماميّة فموقفهم واضح وصريح اتجاه مدرسة الرأي وكبار دعاتها ومؤسّسيها ، فإنّهم لم يقتصروا على رفضها ، بل سعوا جاهدين لبيان بطلانها ، وأنّها تخالف الدين والشريعة ; لأنّه عمل بالرأي والذوق البشري ، وهو ما لا تجيزه الشريعة الإسلاميّة ، فموقف صاحب الكتاب منسجم تماماً مع موقف
____________
١ ـ انظر : المنتزع المختار من الغيث المدرار المعروف بـ ( شرح الأزهار ) ١ : ١٨٠ ، مقدّمة البحر الزّخار : ١٨٧ ، الفصول اللؤلؤية : ٣١٩ ، باب القياس.
٢ ـ طبقات الزيديّة : ٣٨٨ ، الطبقة الثانية ، مخطوط مصوّر.
٣ ـ طبقات الزيديّة : ٢١ ، الطبقة الثانية ، مخطوط مصوّر.
٤ ـ انظر : طبقات الزيديّة : ٣٠٣ ، الطبقة الثانية ، مخطوط مصوّر.