ثمّ أشار في آخر السورة إلى وجوب إقامة الصلاة المفروضة المقرّرة ، والزكاة كذلك بقوله (وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكاةَ) وإلى القرض المعروف أو مطلق الإنفاق في سبيل الله بل مطلق الإحسان فافهم بقوله (وَأَقْرِضُوا اللهَ قَرْضاً حَسَناً) على وجه حسن معروف خال عن الأذى والمنّة والرئاء (وَما تُقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ مِنْ خَيْرٍ) من مال بل مطلق الإحسان (تَجِدُوهُ عِنْدَ اللهِ هُوَ خَيْراً وَأَعْظَمَ أَجْراً) ما موصول متضمّن لمعنى الشرط ، مبتدأ مع صلته ، وتجدوه خبر بمنزلة الجزاء وماء المفعول الأوّل لتجدوا و «عند» ظرفه وهو فصل بين مفعوله الأوّل ومفعوله الثاني وهو خيرا ، وكأنّه وجد شرط الفصل وهو كون ما بعده معرفة ، لأنّ خيرا يستعمل بمن لأنّ معناه خيرا ممّا تؤخّرونه إلى وقت الوصيّة ، وإليه أشار فيما روي عن عنبسة العابد قال : قلت لأبي عبد الله عليه الصلاة والسلام أوصني فقال أعدّ جهازك وقدّم زادك ، وكن وصيّ نفسك ، ولا تقل لغيرك ، يبعث إليك بما يصلحك (١) أو من مطلق ما تترك إنفاقه وفعله من التقرّبات ، والطاعات والمستعمل بمن بمنزلة المعرفة ، ولهذا لا يعرّف باللّام ، مع أنّه قد توجد مع كون ما بعده نكرة أيضا اطّرادا للباب ، و «أعظم» عطف على «خيرا» و «أجرا» تميز عن نسبة وجدان ما عنده خيرا وأعظم. قال القاضي هو تأكيد وفصل ، وقال في التركيب فصل أو بدل أو تأكيد ، فيه أنّه يلزم تأكيد المنصوب بالمرفوع وبدليّته عنه ، وقال في مجمع البيان أو صفة لها ، فيه أنّ المشهور أنّ الضمير لا يوصف ولا يوصف به ، ثمّ أشار إلى وجوب الاستغفار والتوبة بقوله (وَاسْتَغْفِرُوا اللهَ) في جميع الأحوال ، فإنّ الإنسان لا يخلو عن تفريط وتقصير وذنب دائما (إِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ) دليل على وجوب الاستغفار ، يعني يجب عليكم ذلك ، فإنّه يغفر لكم فإنه ستّار لذنوبكم وصفوح عنكم رحيم بكم [عليكم] فلا تتركوه ، فدلّت على وجوب الاستغفار ومشروعيّته دائما وإن لم يشعر بالذنب فيمكن استحباب التوبة حينئذ دائما من غير شعور بصدور الذنب ، ويدلّ على قبول التوبة أيضا فافهم.
__________________
(١) الكافي ج ٧ ص ٦٥.