فيهما استدلّ بها على مشروعيّة فعل فائت اللّيل نهارا والعكس ، فانّ معناها اللّيل خليفة النهار فيما يصحّ أن يقع فيه ، وبالعكس ، وفهمه من مجرّدها مشكل كسابقتها فافهم (١).
السادسة: (فَإِذَا انْسَلَخَ الْأَشْهُرُ الْحُرُمُ) الى قوله (فَإِنْ تابُوا وَأَقامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكاةَ فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ) (٢).
قيل : استدلّ بها على أنّ تارك الصلاة مستحلا مرتدّ يجب قتله ، لأنّه تعالى علّق المنع من قتلهم على التوبة وإقامة الصلاة وإيتاء الزكاة ، ولا شكّ أنّ تركهم الصلاة كان على وجه الاستحلال ، لعدم تحقّق اعتقاد وجوبها من المشرك والحكم المعلّق على مجموع لا يتحقّق إلّا مع تحقّق المجموع ، ويكفي في حصول نقيضه فوات واحد من المجموع ، ولا يخفى ما فيه فافهم.
السابعة: (يا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ) (٣).
أمّا اللغة فالعبادة هي أقصى غاية الخضوع كما مرّ في (إِيَّاكَ نَعْبُدُ) والخلق هو الفعل والإيجاد على تقدير واستواء ، والباقي ظاهر.
وأمّا الإعراب فلعلّكم تتّقون ، جملة حاليّة عن الخالق ، لكن على طريق التشبيه بالراجي لاستحالة حقيقة الرجاء منه ، أو عن المخلوقين أو عن العابدين وأما كونها علّة فتكون بمعنى كي فيكون موافقا لقوله تعالى (وَما خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ) (٤) كما يظهر من مجمع البيان ففيه أنّه نقل في الكشّاف وتفسير القاضي أنّ لعلّ ما جاء بهذا المعنى فعلى تقدير التسليم يحتمل كون ما ذكر في مجمع البيان محصّل المعنى ، ومعناها المجازيّ ، والمنع المذكور فيهما يكون باعتبار
__________________
(١) راجع مجمع البيان ج ٧ ص ١٧٨ ، الدر المنثور ج ٥ ص ٧٥.
(٢) براءة : ٥.
(٣) البقرة : ٢١.
(٤) الذاريات : ٥٦.