للكلّ فانّ القطن مثلا ثمرة شجرة ، والإبريسم يحصل من ورق الشجر ويكون المراد بالرزق ما يعيش به الإنسان ويؤيّده ما ذكره في مجمع البيان في تفسير الآية الثالثة بعد هذه ، في بيان (كُلَّما رُزِقُوا) من أنّ الرزق عبارة عمّا يصحّ الانتفاع به ولا يكون لأحد المنع منه ، فيدخل الجميع فيه.
وتحريم الشرك (١) وثبوت الوحدانيّة وأنّ الجاهل معذور على تقدير عدم القدرة على العلم أو عدم الدليل الموصل إليه ، وذلك من تقييد النهي بالحال (٢) بالعلم الّذي مرّ تفسيره فيعلم منه عدم التكليف بما لا يطاق ، فيبطل مذهب من يقول به وأمّا دلالتها على كون العبادات شكرا وعدم استحقاق الثواب لأنّ الصّفات المذكورة للآمر الّذي هو الله تفيد علّيّتها للتكليف بها ، على ما ذكره القاضي ههنا وفي الآية السالفة على وجه يفهم اعتقاده لذلك أنّه الحقّ ، فباطل لما مرّ في السالفة والظاهر أنّه ما ذهب إليه من الطائفة المحقّة ، بل من مطلق المسلمين إلّا قليل ، وليس بمذهب مشهور من المتعبّدين بالشريعة. فإنّ الثواب والعقاب قريب أن يكونا من ضروريّات دين محمّد صلىاللهعليهوآله بل كلّ الأديان ، وبهما يثبتون الحشر والنشر ، وعليه يدلّ كثير من الآيات والأخبار بل الإجماع ، لأنّ هذا المذهب منسوب إلى أبي القاسم البلخيّ فقطّ على ما ذكره في شرح التجريد الجديد وحاله أيضا ليس بظاهر الله يعلم.
ثمّ اعلم أنّ في الآية الثالثة بعد هذه الّتي ذكرناها ، دلالة على إبطال قوله حيث قال تعالى (وَبَشِّرِ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ أَنَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ) الآية حيث يعلم تعليل حصول هذه النّعم العظام للإنسان بالإيمان والعمل الصالح فيكون مستحقّا لها وهو ظاهر كدلالتها على خروج العمل الصالح عن الإيمان ، وكذا في غيرها أيضا من الآيات.
__________________
(١) أى ومن الأحكام المستنبطة تحريم الشرك.
(٢) يعنى قوله تعالى (وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ).