الأرض والفراش مفعولا جعل ، والسماء والبناء عطف عليهما ، و «من» الأولى ابتدائيّة ، والثانية تبعيضيّة ، ويكون الرزق حينئذ حالا أو مفعولا له ، أي حال كونه رزقا ، أو ليكون رزقا ومرزوقا لكم ، أو بيانيّة مقدّمة على المبيّن ، وهو الرزق كما يقال أنفقت من الدراهم ألفا وأنزل عطف على جعل ، وماء مفعوله وأخرج عطف عليه ، ورزقا مفعوله ، وضمير به راجع إلى الماء ، ولكم صفة رزقا والفاء في «فلا» للتفريع إمّا على اعبدوا ، أو على لعلّ ، أو على الّذي خلقكم و «أندادا» مفعول فلا تجعلوا ، وأنتم تعلمون جملة حاليّة من فاعل «فلا تجعلوا» ومفعوله إمّا محذوف ، أو مقدّر وهو أنه لا يقدر على مثل هذه الأفعال غيره تعالى أو أنّه لا ندلّه.
وأمّا اللغة فالفراش هو البساط ، والبناء هو المبنيّ وهو هنا قبّة وفي الأصل أعمّ من أن يكون بيتا أو قبّة كذا في الكشّاف ، والندّ المثل الّذي يكون ضدّا.
وأمّا المعنى فباعتبار ضمّها إلى الاولى هو الأمر بعبادة الله الموصوف بالصفات المذكورة ، والنهي عن الإشراك به ، والإشارة إلى قطع عذرهم بالجهل ، لعدم القدرة ، ولعدم ما يوصلهم إليه لوجود العلم والتمييز فيهم ، ووجود ما يوصلهم من خلق هذه المذكورات الّذي لا يقدر عليه غيره ، سيّما الضدّ الّذي يجعلونه شريكا له ، وقائما مقامه من الأصنام ، فإنّها لا تقدر على شيء ولا تنفع ولا تضرّ.
وأمّا الأحكام المستنبطة منها ، فهي إباحة السكون في أيّ جزء كان من الأرض على أيّ وجه أراد ، والصلاة فيه ، وسائر العبادات كذلك ، وطهارتها أيضا ، واستعمال الماء في أيّ شيء كان على أيّ وجه اتّفق ، وطهارته ، بل طهوريّته أيضا لأنّها من جملة انتفاعاته المتعارفة المطلوبة منه ومقام الامتنان يعمّ جميع ذلك مع إباحة جميع الثمرات المخرجة به للرزق ، قيل : الثمرة أعمّ من المطعوم والملبوس والرزق أعمّ من المأكول والمشروب ، وفيه تأمل إذ الثمرة المخرجة هي الرزق لا غير ، فما ذكر أنّها أعمّ من الملبوس غير ظاهر حقيقة ، ولكنّه لا يبعد شمولها