وقد مضى تفسير تتمّتها أعني (إِنَّ الصَّلاةَ كانَتْ) (١) الآية.
(فَإِنْ خِفْتُمْ فَرِجالاً أَوْ رُكْباناً فَإِذا أَمِنْتُمْ فَاذْكُرُوا اللهَ كَما عَلَّمَكُمْ ما لَمْ تَكُونُوا تَعْلَمُونَ) (٢).
الرجال جمع راجل ، مثل تجار وصيام وقيام والراجل هو الكائن على رجله واقفا كان أو ماشيا ، والرّكبان جمع راكب كالفرسان جمع فارس ، وكلّ شيء علا شيئا فقد ركبه ، فرجالا حال ، والتقدير فصلّوا رجالا يعني إن خفتم من عدوّ أو سبع أو غرق ونحوها ولم يمكنكم الصلاة تامّة الأفعال والشروط كما هي المقرّرة حال الأمن ، فصلّوا رجالا على أرجلكم وعلى أيّ هيئة يمكنكم ماشين أو واقفين إلى القبلة وغيرها بالقيام والركوع والسجود ، إن أمكن وإلّا فبالنيّة والتكبير والتشهّد والتسليم ، يعني تتعمّدوا المقدور من الهيئة أو على ظهور دوابّكم على أيّ جهة يتوجّه ولو تمكّن من القبلة فيها ، وإلّا فمهما أمكن ، وبالجملة في الآية الشريفة إشارة إلى صلاة الخوف على طريق الإجمال ، والتفصيل مذكور في الكتب الفقهيّة مع أدلّتها.
وفي مجمع البيان (٣) إنّ عليّا عليه الصلاة والسلام صلّى ليلة الهرير خمس صلوات بالإيماء ، وقيل بالتكبير ، وإنّ النبيّ صلىاللهعليهوآله صلّى يوم الأحزاب إيماء (فَإِذا أَمِنْتُمْ) من الخوف (فَاذْكُرُوا اللهَ) أي فصلّوا صلاة الأمن ، وقيل اذكروا الله بالثناء عليه ، والحمد له شكرا للخلاص من الخوف والعدوّ ، فكأنّه الأولى لظهور الذكر فيه ولفهم صلاة الأمن من قبيله بقوله (فَإِذَا اطْمَأْنَنْتُمْ) الآية ، فدلّت على استحباب الذكر شكرا لله على دفع الألم أو الخوف (كَما عَلَّمَكُمْ) أي الذكر مثل ما علّمكم من الشرائع وكيفيّة صلاة الخوف والأمن وغيرها ، أو شكرا يوازي نعمة ، فما موصولة أو مصدريّة ، و (ما لَمْ تَكُونُوا تَعْلَمُونَ) مفعول علّمكم ، وما موصولة أو
__________________
(١) راجع الصفحة ٤٩ فيما سبق.
(٢) البقرة : ٢٣٩.
(٣) مجمع البيان ج ٢ : ٣٤٤.