فإنّه ورد في الرواية حثّ عظيم ، وترغيب كثير ، وثواب جزيل في التعقيب (١) وهو مذكور مع ما ورد في محلّه فاطلبه ، وعدم الفراغ أو النوم فإنّهما يضرّان بالدين والدنيا ، كما ورد في الروايات الكثيرة خصوصا النوم بعد الغداة إلى أن تطلع الشمس فإنّه مذموم جدّا [وكذا بعد صلاة اللّيل فإنّه ورد أنّه لم يمدح صاحبه بصلاة اللّيل الّتي صلّاها] وكذا ورد ذمّ الكسل والضجر فينبغي الاجتناب عنها. الله الموفّق.
وأيضا فيها إشارة إلى أنّ الطلب والرغبة إلى الله فقطّ لا غير حيث قدّم الصلاة لإفادة الحصر وقال (وَإِلى رَبِّكَ فَارْغَبْ) أي لا غيره وهو ظاهر.
التاسعة: (وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكاةَ وَارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ) (٢).
الصلاة معلومة لغة وشرعا وإقامتها أداؤها بأركانها وشروطها المعتبرة شرعا والركوع لغة هو الانحناء والانخفاض ، وقيل هو الخضوع ، وهما متقاربان ، وشرعا انحناء خاصّ ، وهو الانحناء بحيث يصل يد مستوي الخلقة ركبتيه ، على ما ذكره الفقهاء وقد يطلق ويراد به الصلاة فالمعنى إيجاب الصلاة على الإطلاق والعموم ، وإيجاب الركوع فيها مع الراكعين أو الترغيب إلى الخضوع فيها أو مطلقا مع كلّ خاضع وخاشع ، ومعنى «مع» على الأوّل لا يخلو عن مسامحة إلّا أن يكون المراد الترغيب والتحريض على الجماعة ، بعد إيجاب الصلاة ، فالمعنى حينئذ صلّوا مع المصلّين أي صلّوا جماعة إماما أو مأموما ،! فيحتمل أن يكون فيما حينئذ إشارة إلى أنّ الجماعة لا بدّ لإدراكها من الركوع ، ويشعر بكون الركوع مع الإمام (٣) فلو كان الإمام راكعا وأدركه حينئذ لم يكن مدركا لعدم صدق الركوع مع الراكع ، بل بعده
__________________
(١) راجع التهذيب ج ١ ص ٢٢٧ ، الكافي ج ٣ ص ٣٤١.
(٢) البقرة : ٤٣.
(٣) يعنى ابتداء الركوع.