في ذكره أوّلا مجملا ومنكّرا ثمّ مفصّلا تأكيد كما في تكرار «ربّنا» للطلب.
(رَبَّنا فَاغْفِرْ لَنا ذُنُوبَنا وَكَفِّرْ عَنَّا سَيِّئاتِنا) يمكن أن تكون الكبائر ، كما قالوا : وسيّئاتنا إشارة إلى الصغائر فإنّها تكون مكفّرة باجتناب الكبائر عند البعض (وَتَوَفَّنا مَعَ الْأَبْرارِ) أمتنا موتتهم ، واجعلنا بعده معهم ، والأبرار جمع برّ أو بارّ كأصحاب وأرباب في جمع ربّ وصاحب (رَبَّنا وَآتِنا ما وَعَدْتَنا عَلى رُسُلِكَ) ما وعدتنا على تصديق رسلك من الأجر والثواب أو ما وعدتنا بلسانهم ونقلهم عنك وهذا السؤال ليس لأن يعمل بوعده وعدم الإخلال به ، لاحتمال أن لا يفعل ذلك لأنّ ذلك محال عليه تعالى الله عنه ، بل طلب لبقائه على استحقاق ذلك بالموت على الايمان ، والعمل الصالح الكامل الّذي يستحقّ بهما ذلك الوعد ، مخافة أن لا يكون من الموعودين لسوء العاقبة ، أو لقصور في الامتثال للإخلال بشرائطها من
__________________
من المخاطبين بالنداء : سواء كان بقوله آمنوا أو صدقوا ، أو أسلموا أو قولوا لا إله إلا الله محمد رسول الله ، ونحو ذلك ، ولا قصور في ذلك : ويؤيده ما قيل أن أن المصدرية إذا دخلت أمرا يكون للطلب.
ويحوز كونها مخففة أيضا وما ذكره المعترض من الشرط غير ظاهر ، وما ذكره بعض النحاة فكأنه يريد به الأغلبية ، ولهذا قال في الكشاف وتفسير البيضاوي في تفسير قوله تعالى (أَنْ إِذا سَمِعْتُمْ) أن المخففة من المشقلة وأيضا كلام الكشاف ليس بصريح في كون أن مصدرية أو يكون مقصوده دفع الاشكال بوجه آخر.
وأيضا في قول المعترض في دفع الإشكال بزيادة «أن» لأنه جاز عند البعض تأمل فإن مجرد ذلك لا ينفع وهو ظاهر ، وأيضا ليس الاشكال بالتكرار حتى يدفع بما ذكره : بل عدم ظهور المعنى بقول النداء بالايمان ، وقد عرفت له معنى صحيحا فاندفع الاشكال ، وأيضا النداء بالايمان أعم كما بيناه ، وبالجملة لا إشكال في القرآن ولا في كلام صاحب الكشاف ولا في كلام صاحب القيل : وإنما ذلك في كلام المعترض وهو السيد اليمنى والله اعلم ، منه ره.
أقول : هذه الحاشية قد طبعت في الطبعة الاولى الحجرية في المتن ونسخة سن خالية عنها متنا وهامشا ، وأما نسخة عش فقد جعلتها في المتن والهامش معا ، وقال بعد تمامها في الهامش «منه رحمهالله» وإنما جعلناه في الهامش لظاهر نسخة عش وأصالة نسخة سن ، ولان مسلك المؤلف رحمهالله في متن الكتاب لم يكن على المناقشات الأدبية.