صوم شعبان سفرا ، وليس بصريح أيضا في المندوب ، لاحتمال النذر ، ويحتمل اختصاصه به أيضا ويبعد الجمع بحمل الأكثر الأصحّ لأجل واحد أو اثنين ضعيفين غير صريحين على الكراهة بالمعنى المذكور ، إذ يبعد أن يمنع الامام بقوله «لا تصم أو ليس من البرّ» (١) عن صوم مثل يوم الغدير ، وأوّل رجب وسائر الأيّام المتبرّكة من يريد صومه ويسأله عن فعله أولا ، بمعنى أنّ الثواب أقلّ من ثواب الصائم في الحضر أو بمعنى أنّ الثواب في الإفطار سفرا أكثر من الصوم فيه ، إذ ليس الفطر عبادة في السفر على ما هو المشهور في غير الواجب مثل شهر رمضان ويبعد أن يكون الإنسان مثابا في السفر بالإفطار بثواب أكثر من الثواب الّذي يحصل له بالصوم فيه ، وأيضا لا معنى لصومه عليه الصلاة والسلام في السفر مع مرجوحيّته من الإفطار على ما دلّ عليه الخبران اللّذان هما وجه حمل الأخبار الدالّة على نهي الصوم في السفر ندبا على الكراهة فتأمّل الله يعلم.
وأمّا التتابع في القضاء فلا يبعد كونه مستحبّا لما في بعض الروايات ، وقراءة «متتابعات (٢)» وإن كان الحقّ عدم حجيّة ما لم يثبت كونه قرآنا كما بيّن في الأصول ، لكنّه مؤيّد ـ وأيضا (سارِعُوا) (٣) وغيره ممّا يدلّ على التعجيل في فعل الخير وأيضا ربّما يحصل مانع فتفوت تلك العبادة العظيمة وأيضا يتمكّن به من الصوم المندوب بالاتّفاق ، حيث ذهب أكثر الأصحاب إلى عدم جوازه لمن عليه الفرض ، وعليه دلّ الخبر الصحيح والحسن أيضا كلاهما في الكافي (٤) وأيضا أطنّ أنّ بعض الأصحاب ذهب إلى وجوب التعجيل في القضاء فيخلص بذلك عن الخلاف وما ورد في بعض الروايات من التفصيل من الأمر بالتتابع في الستّة والتفريق في
__________________
(١) لفظ الحديث ليس من البر الصيام في السفر ، والحديث مروي بطرق كثيرة عن العامة والخاصة ، راجع الوسائل الباب ١ من أبواب من يصح منه الصوم تيسير الوصول ج ٢ ص ٣١٢ ، مشكاة المصابيح : ١٧٧ وقال : متفق عليه. سنن ابن ماجة تحت الرقم ١٦٦٤ و ١٦٦٥.
(٢) نقله في كنز العرفان ج ١ ص ٢٠٧ ونسب القراءة إلى أبى بن كعب. وقيل : إنه في مصحف ابن مسعود أيضا.
(٣) آل عمران : ١٣٣.
(٤) راجع ج ٤ ص ١٢٣.