الخبيث من المال حال كونكم منفقين منه أو بأن تنفقوا منه ، فيكون بيانا لتيمّموا ويحتمل أن يكون «منه» متعلّقا بتنفقون ويكون حالا عن الخبيث وضمير منه راجعا إليه ، وفيه تكلّف (وَلَسْتُمْ) أي حالكم وشأنكم أنّكم لا تأخذون الخبيث في عوض حقوقكم إذا كانت لبعضكم على بعض ، لرداءته (إِلَّا أَنْ تُغْمِضُوا فِيهِ) وتسامحوا في أخذ الخبيث بالمعنيين ، فالاغماض مجاز في المسامحة من أغمض بصره إذا غمّضه فكما أنّه إذا كانت العين مغمّضة يؤخذ الرديّ والمعيب لعدم العلم فكذلك إذا سامح فكأنّه لا يرى عيبه ورداءته ، وكذا في الحرام أيضا لكن في الأوّل أظهر وعن ابن عبّاس أنّهم كانوا يتصدّقون بحشف التمر وشراره فنهوا عنه.
(وَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ غَنِيٌّ) عن إنفاقكم بالجيّد والرديّ وإنّما يأمركم لمصلحتكم وانفاعكم و (حَمِيدٌ) بإثابته إيّاكم على الإنفاق وقبوله ، فهو حقيق بالحمد. ترغيب وبيان لانتفاعهم ولهذا عقّبه بقوله تعالى (الشَّيْطانُ يَعِدُكُمُ الْفَقْرَ وَيَأْمُرُكُمْ بِالْفَحْشاءِ وَاللهُ يَعِدُكُمْ مَغْفِرَةً مِنْهُ وَفَضْلاً وَاللهُ واسِعٌ عَلِيمٌ) أي الشيطان يعدكم الفقر في الإنفاق يعني يقول لا تنفقوا فإنّكم إذا أنفقتم تصيرون فقراء محتاجين ويأمركم بالفحشاء أي المحرّمات من عدم الإنفاق وإنفاق الرديّ أو الحرام وغيره أو البخل وغير ذلك من سائر المعاصي ، والله يعدكم مغفرة منه لذنوبكم وفضلا أي خلفا أفضل ممّا أنفقتم في الدنيا من البركة وتزكية المال من الحرام ، والنفس من البخل ، وفي الآخرة من الأجر العظيم ، والثناء الجميل والله واسع الفضل لمن أنفق عليم بما تعملون ، من إنفاق الرديّ والحرام والجيّد والحلال ، فيجازي كلّا بعمله.
فظاهرها وجوب إنفاق الطيّب بالمعنى المتقدّم ، فيحتمل أن يكون إشارة إلى وجوب إخراج ما يجب في الزكاة من الحلال والجيّد المكتسب ، وتكون المكتسب عبارة عن المال الّذي يجب فيه الزكاة من النقدين والمواشي من الغنم والبقر والإبل فإنّها تحصل بالكسب والعمل ، والخمس من جميع ما يكتسب ، فلا يجوز إخراج الحرام ولا الردىّ من المرضى والمعيبات من غيرها ، ولا يكون مجزية أيضا لأنّه المقصود من النهي ، ولعدم العلم بحصول براءة الذمّة مع العلم بالاشتغال ، وأكّد