وغيره بل بنى على الظاهر فقبل التيمّم ولا كلّف في التيمّم أيضا بأن يوصل الأرض إلى جميع البدن أو أعضاء الوضوء بل التيمّم أيضا وأن يطلب ما يمكن إيصاله بل يكفي مجرّد وجه الأرض ، وهو مقتضى الشريعة السمحة.
(وَلكِنْ يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ) أي من الذنوب فإنّ العبادة مثل الوضوء كفّارة للذنوب أو لينظفكم عن الأحداث ويزيل المنع عن الدخول فيما شرط فيه الطهارة عليكم فيطهّركم بالماء عند وجوده وعند الإعواز بالتراب ، فالآية تدلّ على أنّ التيمّم رافع في الجملة وطهارة فيباح به ما يباح بالماء ، ويؤيّده ما في الأخبار ويكفيك الصعيد عشر سنين والتراب أحد الطهورين وربّ الماء وربّ التراب واحد (١) فيبعد منع إباحة التيمّم ما يبيحه الماء ، وأنه يجب لما يجب له.
ثمّ إنّه يزول التيمّم بزوال المانع لأنّه لا يرفع الحدث بالكلّية نعم يحتمل رفعه إلى أن يتحقّق الماء أو توجد القدرة على استعماله إذ لا استبعاد في حكم الشارع بزوال الحدث إلى مدّة فإنّه مجرّد حكم الشارع فلعلّ البحث يرجع إلى اللّفظيّ فتأمّل. واللّام للعلّة فمفعول يريد محذوف وهو الأمر في الموضعين وقيل زائدة وليجعل وليطهّركم مفعول ، والتقدير لأنّ يجعل عليكم ولأن يطهّركم وليس فيه قصور وضعف : لأنّ «أن» لا تقدّر بعد اللّام المزيدة كما قاله البيضاويّ. لأنّ الشيخ المحقّق الرضىّ قدسسره قال في شرح الكافية : وكذا اللّام زائدة في لا أبا لك عند سيبويه ، وكذا اللّام المقدّر بعدها أن بعد فعل الأمر والإرادة كقوله تعالى (وَما أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ) على أنّه قال البيضاويّ أيضا في تفسير قوله تعالى (يُرِيدُ اللهُ لِيُبَيِّنَ لَكُمْ) أنّ يبيّن مفعول يريد ، واللّام مزيدة لتأكيد معنى الاستقبال اللازم للإرادة ، وهل هذا إلّا تناقض.
(وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ) أي ليتمّ بشرعه ما هو مطهّر لأبدانكم ومكفّر لذنوبكم في الدين ، أو ليتمّ برخصه إنعامه (عَلَيْكُمْ) بعزائمه (لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ) نعمته ثمّ أمر
__________________
(١) الكافي : ج ٣ ص ٦٣ ، التهذيب ج ١ ص ١٩٥.