أو فيهما ويحتمل كون كلّ مزيل للعقل كذلك وفيها الإشارة إلى أنّ القلب لا بدّ أن لا يكون غافلا حال الصلاة ولا مشغولا بغير ما يتعلّق بها وكذا على تحريم دخول الجنب فيها أو في المسجد إلّا المتيمّم المسافر أو العابر فيه وعدم حصول رفع الحدث بالتيمّم.
(وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضى أَوْ عَلى سَفَرٍ) يعني ولا يقربها الجنب حتّى يغتسل فلا بدّ من الغسل للصّلاة ، إن تمكّن منه ، فان
لم يتمكّن منه لمرض يضرّ معه الغسل ضررا يعدّ ذلك ضررا عرفا فيتيمّم لها ولعلّ القيد للإجماع والخبر وإلّا ظاهر الآية تجويز التيمّم للمرض مطلقا أو لسفر لا يكون فيه الماء بوجه.
فتقدير الآية : يا أيّها الّذين آمنوا إن كنتم مرضى مرضا لا تقدرون على استعمال الماء أو مسافرين كذلك محتاجين إلى التطهير مطلقا محدثين محدث أصغر أو أكبر فتيمّموا! وأشار إلى مطلق المحدث بالحدث الأصغر بقوله (أَوْ جاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغائِطِ) أي المواضع الّتي يغاط فيها فهو كناية عن الحدث الأصغر ولكن في إدخال الكلّ فيه تأمّل ، فإنّ الظاهر أنّه مخصوص بالغائط أو كناية عمّا يخرج عن السبيلين البول والغائط والريح أيضا كما أنّ (أَوْ لامَسْتُمُ النِّساءَ) كناية عن الجماع الموجب للغسل وقد فسّر به في الروايات (١) وهو مذهب الأصحاب وأبي حنيفة كالمباشرة في الصوم والاعتكاف ، ويحتمل كونه كناية عن مطلق موجب الغسل لكنّه بعيد سيّما المسّ (٢) و (فَلَمْ تَجِدُوا) عطف على (أَوْ جاءَ) قيدا للمرض والسفر والفاء إشارة إلى أنّ عدم الوجدان ينبغي أن يكون بعد الحدث فالقبل لا يكفي ، وعلى تقدير تخصيص الغائط واللّمس (٣) كما هو الظاهر يكون كون باقي الموجبات مثل الدماء الثلاثة وخروج المنيّ بغير جماع ومسّ الميت وزوال العقل بالنوم والسكر ونحوه حدثا مفهوما من غير الكتاب من السنّة والإجماع.
__________________
(١) الوسائل الباب التاسع من أبواب نواقض الوضوء الحديث الرابع ، وهكذا تفسير العياشي ج ١ : ٢٤٣.
(٢) يعنى مس الميت.
(٣) الأول بما يخرج من أحد السبيلين والثاني بالجماع.