والمعنى : إن كنتم مرضى أو على سفر ، وجاء أحد منكم ، فيكون أو بمعنى الواو كما مرّ (فَلَمْ تَجِدُوا ماءً) أي لم تقدروا على استعمال الماء بوجه إمّا لعدمه أو لعدم القدرة على استعماله للتضرّر به أو لعدم تحصيله وحينئذ يكون حكم عدم القدرة على استعمال الماء بغير سفر ومرض مفهوما من غير الآية أو من سوقها للإشعار في قوله : فلم تجدوا ماء.
ثمّ الخلاف في كيفيّة التيمّم كثير والمشهور عند أصحابنا النيّة مقارنة لضرب اليدين على الأرض ضربة للوجه فيمسحه باليدين من قصاص شعر الرأس إلى طرف الأنف الأعلى ، وضربة لليدين فيمسح ببطن كلّ واحدة ظهر الأخرى من الزند إلى أطراف الأصابع إن كان بدلا عن الغسل. وإن كان بدلا عن الوضوء فضرب واحد ، ودليله غير ظاهر ، وقيل ضربة واحدة فيهما والآية تدلّ عليه فافهم وكذا الأخبار الصحيحة (١) وقيل ضربتان فيهما لبعض الأخبار ولا يبعد كون الضرب فيهما واحدا والتخيير أو استحباب الثانية جمعا بين الأدلّة والظاهر أنّهما أحوط وتفصيل باقي الأحكام معلوم من محلّه والمشهور كون الضرب أوّل الأفعال ويمكن فهم كونه المسح من الآية فافهم والأحوط أن ينوي عند الضرب والمسح وكذا الموالاة في الجملة ولا بدّ من كون التيمّم بالصّعيد ، وهو مطلق الأرض ولا يشترط التّراب فيصحّ بالحجر الأملس وهو الأظهر من مذهب الأصحاب ومذهب أبي حنيفة ويؤيّده اللّغة وقوله تعالى (صَعِيداً زَلَقاً) (٢) ولا ينافيه ما في سورة المائدة من قوله (مِنْهُ) : لأنّه يدلّ على كون المسح بالوجه واليد ببعض الأرض فلا بدّ أن يكون شيئا ملصوقا باليد ومن للتبعيض لأنّه يجوز كونها لابتداء الغاية لا للتبعيض هكذا قال في الكشاف وغيره ، ويجوز كونها للتبعيض مع عدم لزوم لصوق شيء لما مرّ ويؤيّده إهمالها هنا لأنّه لو كان المراد وجوب اللصوق ما كان ينبغي تركها ، ولهذا لا يعتبر اللّصوق في اليد لمسح اليد أيضا فتأمّل.
__________________
(١) الوسائل أبواب التيمم الباب الثاني عشر.
(٢) الكهف : ٤٠.