وعن أبي عبد الله عليهالسلام قال شابّ سخيّ مرهق في الذنوب أحبّ إلى الله من شيخ عابد بخيل.
وعن جميل ابن درّاج عنه عليهالسلام خياركم سمحاؤكم وشراركم بخلاؤكم ، ومن خالص الايمان البرّ بالإخوان والسعي في حوائجهم ، وإنّ البارّ بالإخوان ليحبّه الرحمن ، وفي ذلك مرغمة للشيطان ، وتزحزح عن النيران ودخول الجنان ، يا جميل أخبر بهذا غرر أصحابك قلت جعلت فداك من غرر أصحابي؟ قال : البارّون بالإخوان في العسر واليسر ، ثمّ قال : يا جميل أما إنّ صاحب الكثير يهون عليه ذلك ، وقد مدح الله عزوجل في ذلك صاحب القليل ، فقال في كتابه (وَيُؤْثِرُونَ عَلى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كانَ بِهِمْ خَصاصَةٌ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ). وهذه الأخبار كلّها مسندة (١) وحذفت السند اقتصارا وكذا تركت الأخبار في الإنفاق وذمّ البخل وما ورد في غير هذا الكتاب مثل الفقيه (٢) وغيره.
وإنّ كظم الغيظ بمنزلة التقوى والإنفاق في ذلك المذكور ، لأنّ الظاهر أنّه عطف على «المتّقين الّذين» إلخ وإن جاز عطفه على «الّذين» ولعلّ الأوّل أولى ، وإلّا كان المناسب ويكظمون الغيظ عطفا على ينفقون قال في مجمع البيان : أصل الكظم شدّ رأس القربة عن ملئها تقول كظمت القربة أي ملأتها ماء ثمّ شددت رأسها وفلان كظيم مكظوم إذا كان ممتلئا حزنا وكذا إذا كان ممتلئا غضبا لم ينتقم والكظامة القناة الّتي تجري تحت الأرض سمّيت بذلك لامتلائها تحت الأرض وفي غريب الحديث لأبي عبيدة عن أوس أنّه رأي النبيّ أتى كظامة قوم فتوضّأ ومسح على قدميه والفرق بين الغيظ والغضب أنّ الغضب ضدّ الرضا ، وهو إرادة العقاب المستحقّ بالمعاصي ولعنه وليس كذلك الغيظ لأنّه هيجان الطبع بتكرّه ما يكون من المعاصي ولهذا يقال : غضب الله على الكفّار ، ولا يقال : اغتاظ منهم (٣) وكأنّ في التعبير عن عدم
__________________
(١) راجع الكافي كتاب الزكاة باب معرفة الجود والسخاء ج ٤ من طبعة دار الكتب.
(٢) راجع الفقيه كتاب الزكاة باب فضل السخاء والجود ، ج ٢ ص ٣٣.
(٣) مجمع البيان ج ٢ ص ٥٠٣.