تطهّرها بالماء المطلق لأنّه المفهوم من التطهير إذ لا عرف في التطهير بغيره ، فدلّت على وجوب طهارة الثياب ، وكونها بالماء المعروف لا غير ، وأنّ صدقه يكفي للطهارة من غير عصر ، ولا ورود ولا عدد ، إلّا ما أخرجه الدليل من إجماع أو خبر والتفصيل معلوم من كتب الفروع ، وإن أريد تقصير الثياب كما قيل ونقل عن الصادق عليهالسلام أيضا فيمكن فهم الطهارة حينئذ أيضا لأنّها المقصود من التقصير كما علّل القائل به ، وفي الرواية تشمير الثياب طهور لها ، قال الله تعالى (وَثِيابَكَ فَطَهِّرْ) أي فشمر (١) ويحتمل أن يكون المراد التنظيف الّذي هو الطهارة لغة ، فانّ النظافة مطلوبة للشّارع بإزالة الوسخ ونحوه ، ففهم وجوب الطهارة الشرعيّة محلّ تأمّل ولكن ظاهر الأمر الوجوب ، ومعلوم عدم الوجوب غير الشرعيّة ، ولهذا على تقدير حملها على الشرعيّة ما حملت على الأعمّ من أن يكون فيما يجب إزالة النجاسة فيه مثل الصلاة ، أم لا. بل خصّت بالأوّل فتأمل (وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ) أي خصّ الرجز بوجوب الاجتناب ، والحصر إضافيّ أو يكون التقديم لغيره ، قيل الرجز بالضمّ والكسر هو الصنم ، والمراد عدم عبادته وعدم تعظيمه والثبات على هجره ، فإنه صلىاللهعليهوآلهوسلم كان بريئا منه ، لم يزل ولا يزال ، ويحتمل أن يكون المراد أعمّ ، فيدخل غيره صلىاللهعليهوآله وترك من أهله (٢) ورعيّته أو كسره وإهانته بمهما أمكن له صلىاللهعليهوآله أو أعمّ ، وقيل الرجز هو العذاب والمراد وجوب اجتناب موجبه وهو الشرك وعبادة الأصنام وغيره من المعاصي مطلقا ، وقيل بالضمّ الصنم وبالكسر العذاب قال في القاموس الرجز بالكسر والضمّ : القذر وعبادة الأوثان ، والعذاب والشرك ، فعلى الأوّل يكون تأكيدا لقوله (وَثِيابَكَ فَطَهِّرْ) وتفسيرا له وهو هنا المناسب لتكبير الصلاة وطهارة الثياب وعلى هذا حمل في بعض استدلالات الأصحاب وقيل معناه أخرج حبّ الدنيا عن قلبك لأنّه رأس كلّ خطيئة.
__________________
(١) الكافي ج ٦ : ٤٥٥.
(٢) عطف على قوله المراد عبادته إلخ.