نعم يدلّ عليه أنّه روى عنه عاصم بن حميد وهو تلميذ الثقة فليس سبب الضعف اشتراكه كما قيل ، بل وجود حسن بن محمّد بن سماعة ، وعدم صحّة الطريق إليه ، والعمدة أنّ الوثيقة الشرعيّة المترتّب عليها الأحكام الشرعيّة الخاصّة مثل سقوط سلطنة المالك عن ملكه ودخوله تحت سلطنة غيره ، الأصل عدمهما لا يمكن استفادتها إلّا من الشرع لأنّه أمر شرعيّ يحتاج إلى دليل شرعيّ وإلى تلقّ منه ولا يكفي فيه الأصل والعقل والّذي علم أنّه كذلك بالإجماع والآية والخبر هو الرهن المقبوض ، وغيره بقي تحت العدم ، ولا يكفي أيضا فيه عموم مثل (أَوْفُوا بِالْعُقُودِ) إذ كون الرهن بدون القبض عقدا شرعيّا متلقّى منه داخلا تحته غير معلوم ولا مظنون ، مع ما ذكرناه من الوجه.
وأيضا إن كان المراد بالعقود الصحيحة فلا نسلّم صحّة العقد الواقع بدون القبض إذ لا نسلّم أنّ كلّ ما صدق عليه العقد في الجملة أنّه عقد صحيح أو الأصل فيه أنّه صحيح إذ لا شكّ في اعتبار الشرائط الزائدة عليه ، وليس حصولها معلوما ولا مظنونا وبالجملة إثبات الصغرى مشكل في هذه الصورة بمثل هذه وإن كان الأعمّ أو الفاسد ، فمعلوم عدم دلالته على عدم اشتراط القبض في العقد الصحيح ، على أنّه قد قيل : لم لا يجوز أن يكون المراد بها الأعمّ كما هو الظاهر ، فيجب الإيفاء بمقتضى مطلق العقد صحيحا كان أو فاسدا ، فالصحيح بمقتضى الصحّة ، والفاسد بمقتضى الفساد ، إذ للفاسد أيضا أحكام شرعا فتأمّل.
(فَإِنْ أَمِنَ بَعْضُكُمْ بَعْضاً) أي إن وثق واعتمد صاحب الحقّ صاحبه الّذي عليه الحقّ بأن لا يجحده ولا ينقص ولا يماطل لم يستوثق برهن هذا هو الظاهر إذا الكلام على تقدير عدم وجدان الكاتب لأنّ الأمر بالرهن كان على ذلك التقدير ، وهذا مرتّب عليه ، قال الكشّاف والقاضي : واستغني لأمانته عن الارتهان ، وزاد في مجمع البيان نفي الكتابة ولا يبعد زيادة نفي الشهادة أيضا أي استغني لأمانته عن أخذ الرهن والكتابة والشهود (فَلْيُؤَدِّ الَّذِي اؤْتُمِنَ) أي الّذي عليه الحقّ (أَمانَتَهُ) أي دينه الّذي ائتمنه عليه سمّاه أمانة لذلك ، والظاهر أنّه غير مشروط بالعدالة