يفهم من كلامه اشتراط العدالة في القاضي والشاهد والراوي وإمام الجماعة مع أنّه حنفيّ المذهب كما هو المشهور والظاهر من كلامه ، وخلاف ذلك كلّه مشهور عنه ، والمعمول عندهم.
وفي الاستدلال تأمّل إذا الواسطة بين الظلم والعدل ثابتة ، فلا يلزم من مانعية الأوّل (١) للإمامة اشتراط الثاني لها ، وهو ظاهر ولعلّه يريد به غيره أو يضمّ معه عدم القول بالواسطة أي كلّ من لم يجوّزها للفاسق لم يجوّزها لغير العدل ويمكن الاستدلال بها على اشتراطها في إمام الجماعة ، بمعنى عدم تجويز إمامة الفاسق لصدق الامام عليه بالتفسير الماضي ، وإن كان المقصود بالسؤال هو الخلافة والإمامة المطلقة إذ لا يبعد كون المراد بالعهد ما هو الأعمّ منها أي ما اجوّز تفويض أمري إلى الظالم ، فإنّه غير معقول ، بل ظلم كما يفهم من الكشّاف ، ولا شكّ في كون تجويز إمامة الفاسق للجماعة تفويض أمر عظيم إليه ، وقد فسّر عهد الله بأمره ووصيّته في مجمع البيان ، حيث قال في تفسير (وَالَّذِينَ يَنْقُضُونَ عَهْدَ اللهِ) وعهد الله وصيّته وأمره يقال عهد الخليفة إلى فلان كذا أي أمره وأوصى به ولاشتراك (٢) علّيّة منع الفاسق من مطلق الإمامة فيه ، كما يظهر من كلام صاحب الكشّاف وكذا في القاضي والشاهد والراوي فتأمّل فإنّ الغرض إظهار الإشعار في الآية بما ذكرناه ، وإنّما الاعتماد على غيرها من الآيات والروايات وإجماع الأصحاب والاحتياط.
وقال القاضي : وفيه دليل على عصمة الأنبياء من الكبائر قبل البعثة ، وأنّ الفاسق لا يصلح للإمامة (٣) والأولى أن يقول : ولو قبل البعثة ، ولعلّ وجه الدلالة أنّ فاعل الكبيرة وقتا ما يصدق عليه أنّه ظالم في الجملة ، وقد نفى الله العهد الّذي هو الإمامة مطلقا عمّن صدق عليه أنّه ظالم في الجملة ، وهو ظاهر على تقدير كون
__________________
(١) فلا يلزم من نفى ما نفيه الأول خ. من نفى مانعية الأول خ. من نفيه الأول : ظ.
(٢) عود إلى كلامه قبل ذلك «لصدق الامام عليه» إلخ.
(٣) تفسير البيضاوي : ٤١.