أنّ الآكل هو الوصيّ والّذي جعله الحاكم وصيّا وقيّما ، ويحتمل الّذي كان المال بيده بعد موت صاحبه أيضا مع عدم الوصيّ وتعذّر الحاكم للعموم ، وأيضا الظاهر جواز الأكل مع وجود الأولاد بقرينة (أَنْ يَكْبَرُوا) ويحتمل جواز التصرّف والأخذ مطلقا بجعل الأكل كناية عنه ، ويحتمل الاختصاص به كما في آية تضمّنت الأكل من بيوت الآباء وغيرهم ويحتمل جوازه مع عدم الأولاد أيضا لعموم من كان مع قطع النظر عن قرينة أن يكبروا فتأمّل ، ولا شكّ أنّ الاجتناب أحوط ، والظاهر أنّ هذا الأمر للإباحة كما أنّ الأمر بالإشهاد للإرشاد ، ويحتمل الاستحباب.
ثمّ عقّبه بأنّ الله يكفي حسيبا أي محاسبا وعالما أي كافيا في الشهادة عليهم بأخذ أموالهم وبراءة ذمّتكم وهو إشارة إلى عدم وجوب الإشهاد فإنّ الله كاف وشاهد ، فتدلّ على جواز الامتناع عن الإعطاء مرّة أخرى بالانهزام عن الحكّام ، وباليمين وغيرهما وحسيبا حال ويحتمل التمييز والباء زائدة.
الثالثة : (وَلْيَخْشَ الَّذِينَ لَوْ تَرَكُوا مِنْ خَلْفِهِمْ ذُرِّيَّةً ضِعافاً خافُوا عَلَيْهِمْ فَلْيَتَّقُوا اللهَ وَلْيَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً) (١).
«الّذين» فاعل «وليخش» و «تركوا» فعل شرط فاعله ضمير «الّذين» و «ذرّيّة» مفعوله و «ضعافا» أي صغارا صفتها و «خافوا عليهم» جزاء الشرط والجملة صلة الّذين على معنى حالهم وصفتهم أنّهم لو شارفوا على أن يتركوا خلفهم أولادا صغارا خافوا عليهم ، ويحتمل كون المخاطبين هم أولياء اليتامى ، والمقصود تخويفهم من التصرّف فيهم وفي أموالهم على غير الحقّ ، ويؤيّده ما روي في مجمع البيان عن موسى بن جعفر عليهالسلام قال : إنّ الله أوعد في مال اليتيم عقوبتين ، أما أحدهما فعقوبة الدنيا قوله (وَلْيَخْشَ) الآية قال يعني بذلك ليخش إن يخلّف ذرّية يصنع بهم كما صنع بهؤلآء الأيتام ، والظاهر أنّ الثانية (إِنَّ الَّذِينَ) ورواية
__________________
(١) النساء : ٨.