الحلبيّ عن الصادق عليهالسلام قال : إنّ في كتاب عليّ بن أبي طالب عليهالسلام أنّ آكل مال اليتيم ظلما سيدركه وبال ذلك في عقبه من بعده : يلحقه وبال ذلك أمّا في الدنيا فانّ الله يقول (وَلْيَخْشَ الَّذِينَ) الآية ، وأمّا في الآخرة فإنّ الله تعالى يقول : (إِنَّ الَّذِينَ) الآية (١) ويحتمل كون الخطاب للحاضرين عند إيصاء الموصي فلا يتركوه أن يوصي بحيث يضرّ بأولاده ، ويشفقون عليهم كما يشفقون على أولادهم ، ويحتمل غير ذلك.
وحاصله أنّه ينبغي أن يكون الإنسان نفسه وأولاده ونفس غيره وأولاده عنده سواء كما يخاف على الأوّل ويدبّرهم ويفعل ما يصلح لهم ويخاف عليهم ممّا يلحقهم من الأذى فكذا ينبغي أن يخاف على الثاني ، ويخاف من أنّه إن قصّر في حقّ الثاني يقصّر في حقّ الأوّل وفي الأخبار ما يدلّ عليه كثير ، والعقل يساعده حتّى ورد أنّه من زنى زني بأهله فيدلّ على تحريم الإشارة إلى فعل ما يضرّ بالغير بل تحريم ترك نهي فعل يؤل إلى ضرر ، من أولاد الموصي وغيرهم ، وذلك غير بعيد من باب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
ثمّ أكّد ذلك بقوله (فَلْيَتَّقُوا اللهَ) رعاية للمبتدإ والمنتهى إذ لا ينفع الأوّل بدون الثاني بل الأصل هو العاقبة. ثمّ أمرهم بأن يقولوا قولا سديدا للأيتام كما يقولون لأولادهم بالشفقة وحسن الأدب ، فتدلّ الآية حينئذ على جواز تأديب اليتامى بالقول والفعل السديد اللّائق بحالهم كما صرّح به في محلّه ويحتمل أن يكون المراد أن يقولوا قولا مصيبا وصوابا وموافقا للشرع والعقل للموصي في إيصائه بمنعه عن الزّائد عن الثلث ، بل يقول ما في الرّوايات إنّ الثلث كثير ، والربع والخمس أولى ، وأنّ الترك لأولادكم حتّى لا يتكفّفوا أولى ، ويأمره بايصاء ما عليه وما له ، وبالتوبة وغيرها فتأمّل.
بل القول السديد المذكور لكلّ أحد وعلى كلّ حال (إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ)
__________________
(١) تفسير العياشي ج ١ ص ٢٢٣.