الآية (١) «فظلما» يحتمل أن يكون حالا أي ظالمين في الأكل ، وتميزا أي من جهة الظلم ، ويحتمل أن يكون المراد بالأكل التصرّف مطلقا كما في قوله تعالى (لا تَأْكُلُوا الرِّبَوا) «و لا تَأْكُلُوا أَمْوالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْباطِلِ» وغيرهما فانّ التعبير عن مطلق التصرّف بالأكل كثير ، ولعلّ ذكر البطن للتأكيد مثل (يَطِيرُ بِجَناحَيْهِ) ويحتمل أن يكون ظلما للبيان والكشف ، فإنّ أكل مال اليتيم إنّما يكون ظلما كما في (يَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ الْحَقِّ) أو لأنّه قد يجوز أكل مالهم بالحقّ مثل الأكل بالمعروف اجرة أو عوضا عن مال الموصي الّذي أقرضه إيّاه أو استقرض من مالهم وإن أمكن تأويله بأنّ ذلك ماله لا مالهم ، لأنّه يكفي ذلك المقدار لدفع التوهّم.
والمراد بأنّ أكل مال اليتيم أكل النار ، يحتمل أن يكون أكلا يوجبها أي آكل مال اليتيم إنّما يأكل ما يوجب دخوله النار ، أو أنّ المراد به كناية عن دخول النار ، فإذا دخل النار بالكلّيّة فكأنّ في بطنه نارا ، أو أنّه يأكل يوم القيامة النار ، ويشعر به ما روي عن الباقر عليهالسلام أنّه قال قال رسول الله صلىاللهعليهوآله يبعث ناس من قبورهم يوم القيامة تأجج أفواههم نارا ، فقيل : يا رسول الله من هؤلاء؟ فقرأ هذه الآية (٢).
(وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيراً) أي يلزمون النّار المشتعلة ، ويقاسون حرّها يقال : صلى بالأمر : قاسى حرّه ، والسعير بمعنى المسعور والسعير اشتعال النار.
ولنتبع هذا البحث بآيتين :
الاولى : (وَلا تُؤْتُوا السُّفَهاءَ أَمْوالَكُمُ الَّتِي جَعَلَ اللهُ لَكُمْ قِياماً وَارْزُقُوهُمْ فِيها وَاكْسُوهُمْ وَقُولُوا لَهُمْ قَوْلاً مَعْرُوفاً) (٣).
__________________
(١) النساء : ٩.
(٢) تفسير العياشي ج ١ ص ٢٢٥.
(٣) النساء : ٥.