وكأنّه يقول إنّ الآيات لا صراحة فيها في حصول الحجر مطلقا لكلّ سفيه أمّا آية البقرة فلأنّ إملال الوليّ أي إملاءه في أمر مّا لسفيه مّا كما يدلّ عليه تنكير سفيها لا يدلّ على الحجر مطلقا وبدون الحكم أيضا لاحتمال اختصاص الولاية له في أمر واحد وهو الإملاء لنقص له عنه بخصوصه أو يكون النقص في سفيه خاصّ أو يكون المراد السفيه الّذي هو غير مسبوق برشد متّصل بالبلوغ ، ولا نزاع في عدم اشتراط حصول الحجر في هذا السفيه بحكم الحاكم وحصوله بمجرّد السّفه ، ولا في زواله عنه بدونه ، وقد يفهم الإجماع على ذلك وعدم النزاع فيه من بعض كتب الفقه.
على أنّه قد فسّر كثير من المفسّرين السفيه هناك بغير هذا المعنى ، فإثبات مثل هذا الحكم بمثله بأن يقال الظاهر منه العموم العرفيّ ، وأنّ العلّة هو السفه مطلقا وأن لا قائل بالفرق ولا فرق بين الابتداء والبقاء ، وعدم فرق معقول بين حكم الحاكم وعدمه مشكل إذا لمنع والحجر بمجرّد السفه خلاف ما ثبت بالدليل العقلي والنقلي من الكتاب والسنّة والإجماع ، ومستلزم لحرج مّا فتأمّل.
وكذا يجري بعض البحوث في الآيتين الباقيتين ، فانّ عدم إعطاء الوليّ مال السفيه إليه حتّى يرشد لا يدلّ على عدم جواز تصرّفه في أمواله مطلقا لاحتمال أنّ المراد قبل البلوغ والمتّصل بالبلوغ ، ويؤيّده ما قيل من كون الخطاب في أكثر التفاسير للأولياء ، إذ تنقطع الولاية عنهم بعد البلوغ والرشد ، وإن حدث السفه. وإن جعلنا الخطاب لمن بيده ماله فلا يدلّ على حجره مطلقا ، لاحتمال عدم جواز إعطاء ماله إليه ، وجواز تصرّفاته الماليّة في الجملة إذا وقعت على وجه لا قبح فيه بأن يهدي ويزكّي ويخمّس ، ويعامل معاملة لا غبن فيها أصلا ، غاية الأمر إن سلّم عموم ذلك بحسب الأشخاص والأوضاع والأحوال أنه لا يجوز لمعامليه أيضا إعطاء ماله إيّاه ، بل يسلّموه إلى الوليّ ويمكن جواز الأخذ له خفية أو جهرا ، وتصرّفه فيما هو بيده ، ولو كان بعد التسليم الغير المجوّز ، والآية الثالثة أظهر في اختصاص السفيه بالسفيه المتّصل سفهه إلى البلوغ ، ولهذا قال الشيخ الشهيد رحمهالله في شرح الإرشاد أنّه مخصوص به.