(وَالَّذِينَ يَبْتَغُونَ الْكِتابَ مِمَّا مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ فَكاتِبُوهُمْ إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْراً) (١).
في الكشاف : «الّذين» مرفوع على الابتداء أو منصوب بفعل مضمر يفسّره فكاتبوهم ودخلت الفاء لتضمّن معنى الشرط ، والكتاب والمكاتبة كالعتاب والمعاتبة ، وهو أن يقول الرجل لمملوكه : كاتبتك على ألف درهم ، فإن أدّاها عتق ، ومعناه كتبت لك على نفسي أن تعتق منّى إذا وفيت بالمال وكتبت لي على نفسك أن تفي بذلك ، أو كتبت عليك الوفاء بالمال وكتبت عليّ العتق. أي الّذين يطلبون المكاتبة منكم أيّها الموالي من العبيد والإماء فكاتبوهم وهي أن تقرّر معه أن يعطيك مالا معيّنا في نجم أو نجوم معيّنة فينعتق بذلك فهي دالّة على جوازها مطلقا حالا ومؤجّلا منجّما بنجم واحد أو متعدّد ، ومشروطة ومطلقة ، وعلى مال قليل وكثير ، عين ومنفعة وأحكامها مذكورة في الفقه.
(إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْراً) الأمر بها متعلّق بعلم الخير في المملوك فقيل هو المال وقيل هو الصلاح ، وقيل هو القدرة على الاكتساب وتحصيل مال الكتابة والأمانة والمتبادر الوسط ، ويحتمل الأخير والأوّل بعيد خصوصا على المذهب المشهور من عدم تملّكهم شيئا. في الكشاف : الأمر للندب عند عامّة العلماء وجميع الفقهاء ، ونقل عن ابن سيرين أنّه أمر حتم وإيجاب فهو مسبوق بالإجماع وبالعكس ، ففيها دلالة على استحباب الكتابة بشرط طلبه وخيريته.
(وَآتُوهُمْ مِنْ مالِ اللهِ الَّذِي آتاكُمْ) أمر الموالي بإعطاء المكاتبين بعض المال الّذي أعطاهم الله إيّاه فهو يدلّ على وجوب إعطاء المكاتب للمكاتب من المال الّذي أعطاه الله إيّاه وقال بعض الأصحاب بوجوب إعطاء المكاتب شيئا من الزكاة ، وهو من سهم الرقاب إن وجبت وإلّا استحبّ فيجوز أن يعطيه من الزكاة ثمّ يأخذها منه ، وأن يحسب عليه من الزكاة ويسقط من مال الكتابة ، ورجوع زكاته إليه بوجه آخر
__________________
(١) النور : ٣٣.